سؤال من الأخ ف.ل. من الجزائر، يقول فيه: فضيلةَ الشيخِ الجليلِ! أرجو من حضرتكم الرد على سؤالي – بارك الله فيكم-: هل يجوز شراء أضحية العيد بالتعاون المالي بين الأب وابنه غير المتزوج، وهو مقيم مع والده، حيث اشتريا خروفًا بالتعاون بينهما؟، شكرًا لكم، و عيدكم مبار ك مسبقًا.

حكم شراء الأضحية بالتعاون بين الأب وولده

     الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالأضحية سنة مؤكدة، وهي من شعائر الله، والأصل فيها قول الله-عز وجل-: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ﴾ (الحج:36)، وقوله -عز ذكره-: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ (الكوثر:2)، والأصل فيها من السنة قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «ما عَمِلَ آدميٌّ من عملٍ يومَ النحرِ أَحَبَّ إلى اللهِ من إهراقِ دمٍ ، وإنهُ ليأتي يومَ القيامةِ في قرنِه بقرونِها وأشعارِها وأظلافِها، وإنَّ الدمَ ليقعُ من اللهِ بمكانٍ قبلَ أن يقعَ في الأرضِ، فطِيبُوا بها نفسًا﴾([1]).

ويكره تركها لمن هو قادر عليها، وقد ضَحَّى النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا([2])، وروي عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-قال: شَهِدْتُ معَ رسولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – الأَضحى بالمصلَّى، فلمَّا قَضى خطبتَهُ نزلَ من منبرِهِ، وأُتِيَ بِكَبشٍ فذبحَهُ -عليه الصلاة والسلام-، وقالَ: «بسمِ اللَّهِ، واللَّهُ أَكْبرُ، هذا عنِّي، وعمَّن لَم يضحِّ من أمَّتي»([3]).

وكما ضحى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ضحى صحابته، وضحى السلف؛ اقتداء به -عليه الصلاة والسلام-، فلم يتخلف القادر منهم عنها إحياء لشعائر الله.

هذا في العموم، أما عن سؤال الأخ فليس هناك من حرج أن يتعاون الولد مع أبيه، فيشتريا الأضحية، فيضحيا عن نفسيهما ومن معهما من أسرتهما من الذكر والأنثى والزوجة، فكل هذا جائز، يأكلون من أضحيتهم، ويطعمون منها، ويشكرون الله على ما بلغهم من مشهد هذا اليوم الذي تتطلع فيه القلوب والأبصار إلى مرضاة الله. والله – تعالى- أعلم.

 

[1] السنن الكبرى للبيهقي 9/261، حسنه السيوطي في الجامع الصغير، (٧٩٣٠).

[2] أخرجه البخاري (5565)، ومسلم (1966).

[3] أخرجه أبو داود (2810) واللفظ له، والترمذي (1521)، وأحمد (14895)، صححه الألباني في صحيح أبي داود، (٢٨١٠).