سؤال من الأخ ف.ب. من الجزائر، يقول: شيخنا الفاضل، لدينا موضوع أثار جدالًا و نقاشًا كبيرين، بين مجموعتين، و نريد من كرمكم حلّه، و هو كالتالي: هناك امرأة لديها قطعة من الذهب مكسرة، أخذتها إلى المجوهراتي لاستبدال خاتم بها، و بالفعل قام المجوهراتي بوزنها، و طلب منها أن تختار خاتمين، و اختارت ما أرادته، ثم قام بوزن هذين الخاتمين اللذين اختارتهما السيدة، و بعد وزنهما طلب منها إضافة مبلغ معين من المال، وأعطته ما طلب، كل هذا في الوقت نفسه، شيخنا الكريم، الاختلاف كان كالتالي: تقول المجموعة الأولى: هذا محرم، كان من المفروض أن يعطيها قيمة الذهب المكسر، وتقبضه بيدها، ثم تشتري سليمًا بالمال، و المجموعة الأخرى تقول: يجوز ما حدث في الأول، أي استبدال الخاتمين بالذهب المكسر، أفتونا سيدي الفاضل، و جزاكم الله عنا خير جزاء.

استبدال الذهب عند البائع ودفع قيمة الفارق

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علـى رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فظاهر سؤال الأخ أن امرأة لديها قطعة ذهب مكسرة، فأخذتها إلى المجوهراتي لاستبدالها بخاتم، فوزن هذا القطعة وطلب أن تختار خاتمين فاختارت ما أرادت، ثم قام بوزن هذين الخاتمين، وبعد وزنهما طلب منها إضافة مبلغ معين من المال فأعطته ما طلب، ويذكر الأخ السائل وجود خلاف بين فريقين حول صـحة هذا البيع، أو عدم صـحته، والجواب أن الأصل في بيع الذهب ما رواه عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُـرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ )، وفي رواية أبي سعيد: ( فمن زاد أو استزاد، فقد أربى، الآخذ والمعطي سواء)([1]).

ففي بيع الذهب بالذهب يجب أن يكونا متساويين في الوزن، لا فرق بين مكسور وغيـر مكسور، ولا فرق في ذلك بين جديد وقديم، أو جيد ورديء، مادام أنهما من جنس واحد أي الذهب وأن يكون هذا البيع يدًا بيد، وأن يتم القبض في الحال، مثلًا بمثل سواء بسواء.

هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخ، فالمفروض أن تبيع على المجوهراتي قطعة الذهب المكسرة، وتقبض الثمن يدًا بيد، ثم تشتري بقيمة القطعة ما تريد، هذا هو الأصوب، أما كون المجوهراتي أخذ القطعة المكسرة، ويطلب منها إضافة مبلغ من المال؛ لكي تتمكن من شراء الخاتمين، فهذه الزيادة هي الربا؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ( فمن زاد أو استزاد قد أربى).

والله -تعالى- أعلم.

[1] رواهما مسلم (1584) (1587).