سؤال من الأخ “ع.ن” من مصر يقول: هناك مَدِينٌ تقطعت به السبل، ولم يجد حلا، ثم سرق مالا لتسديد ديونه، هل يترب عليه قطع يده؟.

حكم السرقة وعقوبتها

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد،

فالجواب: أن السرقة من الكبائر التي حرمها الله على عباده؛ لما فيها من التعدي على حقوقهم بأخذ أموالهم بغير حق، مثلها مثل التعدي عليهم بالقتل وهتك العرض، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خطبة الوداع فيما رواه أبو بكرة نفيع بن الحارث -رضي الله عنه-: «فإنَّ دِمَاءَكُمْ، وأَمْوَالَكُمْ، وأَعْرَاضَكُمْ، وأَبْشَارَكُمْ، علَيْكُم حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا»([1])، فمن تجاوز وتعدى على حقوق العباد فقد خلع الإيمان من عنقه؛ لقول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فيما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهو مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهو مُؤْمِنٌ»([2]).

فالسرقة كبيرة من كبائز الذنوب، وفي هذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-: «لعن الله السارقَ، يسرق الحبل فتُقطع يده، ويسرق البيضةَ فتُقطع يده»([3]).

وقد حدد الله عقوبة السرقة في قوله-تقدس اسمه-: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (المائدة: 38)، وهذه العقوبة لها شروطها وأحكامها حسب واقعها، فقد اجتهد عمر بن الخطاب-رضي الله عن-، وأمر بعدم القطع عام الرمادة بسبب الفاقة التي أصابت الناس في ذلك العام([4]).

هذا في عموم المسألة، أما الجواب على السؤال: فلا يجوز للسائل أن يسرق لسداد دينه، فالدين له أحكام، فرغم وطأته على المدين لا يجوز له أن يتعدى على أموال العباد وحقوقهم؛ لأن الله -عز وجل- حرم التجاوز على هذه الحقوق، والقضاء هو الذي يحكم هذه المسألة وفق ظروفها وملابساتها.

والله -تعالى- أعلم.

 

[1] -أخرجه البخاري برقم : (7078).

[2] – أخرجه البخاري برقم (6782).

[3] – أخرجه البخاري (6783)، ومسلم (1687).

[4] – المنتقى على الموطأ ٥/٦٤.