الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد،
فالجواب: أن السرقة من الكبائر التي حرمها الله على عباده؛ لما فيها من التعدي على حقوقهم بأخذ أموالهم بغير حق، مثلها مثل التعدي عليهم بالقتل وهتك العرض، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خطبة الوداع فيما رواه أبو بكرة نفيع بن الحارث -رضي الله عنه-: «فإنَّ دِمَاءَكُمْ، وأَمْوَالَكُمْ، وأَعْرَاضَكُمْ، وأَبْشَارَكُمْ، علَيْكُم حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا»([1])، فمن تجاوز وتعدى على حقوق العباد فقد خلع الإيمان من عنقه؛ لقول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فيما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهو مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهو مُؤْمِنٌ»([2]).
فالسرقة كبيرة من كبائز الذنوب، وفي هذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-: «لعن الله السارقَ، يسرق الحبل فتُقطع يده، ويسرق البيضةَ فتُقطع يده»([3]).
وقد حدد الله عقوبة السرقة في قوله-تقدس اسمه-: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (المائدة: 38)، وهذه العقوبة لها شروطها وأحكامها حسب واقعها، فقد اجتهد عمر بن الخطاب-رضي الله عن-، وأمر بعدم القطع عام الرمادة بسبب الفاقة التي أصابت الناس في ذلك العام([4]).
هذا في عموم المسألة، أما الجواب على السؤال: فلا يجوز للسائل أن يسرق لسداد دينه، فالدين له أحكام، فرغم وطأته على المدين لا يجوز له أن يتعدى على أموال العباد وحقوقهم؛ لأن الله -عز وجل- حرم التجاوز على هذه الحقوق، والقضاء هو الذي يحكم هذه المسألة وفق ظروفها وملابساتها.
والله -تعالى- أعلم.
[1] -أخرجه البخاري برقم : (7078).
[2] – أخرجه البخاري برقم (6782).
[3] – أخرجه البخاري (6783)، ومسلم (1687).
[4] – المنتقى على الموطأ ٥/٦٤.