الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فالرشوة مما حرم الله لما فيها من أكل المال بالباطل والتعدي على حقوق العباد بغير حق وفي هذا قال الله جل في علاه: “وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ “(البقرة:188) وقال تقدس اسمه: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ”(النساء:29)، وقد عظم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الرشوة فيما رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم” لعنَ الرَّاشي والمُرتَشي”([1]) والرشوة من الفساد وما يؤدي إليه من فساد الذمم والتجاوز على حدود الله فلا يتعاطاها إلا الأكالون للسحت كما قال عزوجل عنه: ” سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ”(المائدة:43).
وأما الربا فهو أيضا مما حرم الله فوصف المتعاطين له بأنهم يحاربون الله ورسوله في قوله عز ذكره: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ، فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ”(البقرة:278-279).
وكما عظم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الرشوة عظم أمر الربا فيما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما” لَعَنَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقالَ: هُمْ سَوَاءٌ”([2]).
والربا داء الأمم وفسادها فلا يفشو في أمة إلا ساء معاشها وفسدت أحوالها.
هذا في عموم المسألة: أما عن سؤال الأخ عن قبول هدية الراشي وآكل الربا فإذا كان قد تأكد له ذلك عمن يهديه وهو على تلك الحال فالواجب عدم قبول هديته لأن الهدية يجب أن تكون من الطيبات عملا بقول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ “(البقرة:172).
والله تعالى أعلم.
[1] أخرجه أبو داود (3580)، والترمذي (1337) واللفظ لهما، وابن ماجه (2313) باختلاف يسير، وصححه الألباني في صحيح الترمذي برقم(1337).
[2] أخرجه مسلم(1598).