الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز تعذيب الحيوان أيًّا كان السب لهذا التعذيب؛ لأن الله-عز وجل-لم يعط أحدًا الحقَّ في تعذيب أحد من خلقه، ومن فعل ذلك استحق منه الجزاء، فأوامر الله وأوامر رسوله أوامر رحمة وهداية، وليس من هذه الرحمة تعذيب أي من مخلوقات الله، وقد أحل الله الأنعام، وأباح ذبحها، ولكن هذا مشروط بعدم تعذيبها، ولأن الشيطان يحرص على غواية العبد وإضلاله قال فيما حكاه القرآن: ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ﴾ (النساء:119)، وفي هذا الأمر ضلال وبُعْدٌ عن أوامر الله، وقد أرشد رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أمته أن يكون ذبحهم للأنعام المشروعة ذبحا شرعيا، لا يعذب فيه الحيوان المذبوح، فقال-عليه الصلاة والسلام-: «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ»([1])، وفي هذا تشريع وأمر بوجوب الإحسان في قتل الحيوان، وأمر بأن يُحِدَّ الذابحُ شفرتَه؛ لإتمام عملية الذبح تخفيفا على الحيوان المذبوح، وفيه-أيضا-أمر بالإحسان.
فاقتضى ما ذكر أنه لا يجوز تعذيب الحيوان، واقتضى كذلك الرفق به.
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخ فلا يجوز الثقب في جسم الحيوان الحي؛ لما في ذلك من تعذيبه، ويمكن الاستعاضة عن ذلك بأي وسيلة تحقق للطلاب تطبيق الإجراءات الطبية دون تعذيب الحيوان؛ لأن هذا مما حرمه الله، وحرمه رسوله. والله-تعالى-أعلم.
[1] – أخرجه مسلم برقم (1955).