الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فالأصل اتباع ما جاء في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عليه صحابته ومن تبعهم من الأئمة، فمن صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إذا انتهت الصلاة سلم عن يمينه ثم سلم عن يساره بعد كل صلاته فهاتان التسليمتان من أركان الصلاة فلا تجوز الصلاة إلا بهما فمن اقتصر على تسليمة واحدة عامدا بطلت صلاته لأنه خالف ما كان عليه رسول الله صلى عليه وسلم والمسلمون في سلفهم وخلفهم وهو مذهب الحنابلة([1]) وقول عند المالكية([2])، وقول بعض أهل الظاهر([3]) واختاره سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله([4])لا بدَّ من تسليمتين؛ لثبوت الأحاديث عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بذلك، ولقوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه: «صلُّوا كما رأيتُموني أصلِّي»([5]) ولما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” مِفتاحُ الصَّلاةِ: الطُّهورُ، وتحريمُها: التَّكبيرُ، وتحليلُها: التَّسليمُ ” ولما رواه أيضا عن جابرِ بنِ سمُرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “إنَّما يكفي أحدَكم أنْ يضَعَ يدَه على فخِذِه، ثم يُسلِّمَ على أخيه مِن على يمينِه وشِمالِه”([6]).([7]) ويرى الحنفية أن التسليمة الثانية واجبة([8]).
فالحاصل أنه لا تصح الصلاة إلا بتسليمتين.
والله تعالى أعلم
[1] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/85)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/388، 389).
[2] ((الفواكه الدواني)) (1/487).
[3] ((نيل الأوطار)) (2/346).
[4] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/166).
[5] رواه البخاري(818).
[6] رواه مسلم (431).
[7] أخرجه الترمذي (238) واللفظ له، وابن ماجه (276)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي(238).
[8] يُنظر: ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 95)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/351،352)؛ ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/320).