الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين، أما بعد:
فإن السرقة حد من حدود الله، وحكمٌ حَكَمَ به على من يتعدى هذا الحد، والأصل أن أموال الناس مصونة، ويحرم التعدي عليها بأي سبب، ما لم يكن هذا لإنقاذ النفس من الهلاك، كما حدث في (عام الرمادة) في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وما حصل فيه من منع عمر القطع، فمن لم يستطع إنقاذ نفسه من الهلاك إلا بالتعدي على حق غيره فجائز، على أن يكون هذا التعدي مشروطًا بعدم وجود ما ينقذه نفسه، وأن يكون في هذا الإنقاذ غير مبتغ له، كما قال -عز وجل-: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (المائدة:3).
والشخص الذي سرق ليوفي ديونه غير مضطر لهذه السرقة؛ لأن دينه مما يمكن تأجيله بالإنظار في سداده إلى حين الميسرة، كما قال الله-عز وجل-: ﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ﴾ (البقرة:280)، فهذه القضية مما ينبغي عرضها على القضاء؛ لأن العقاب على السرقة له أحكام وشروط، فالقضاء يقضي حسب أحوال الفعل وأركانه وشروطه.
والله – تعالى- أعلم.