سؤال من الأخ عماد الدين من مصر، يقول: هل دعاء الزوج على الزوجة بالموت أو الانفصال أو الفراق يعد طلاقًا؟

دعاء الزوج على زوجته

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

   فظاهر السؤال عما إذا كان دعاء الزوج على زوجته بالموت أو بالطلاق ونحوه يعد طلاقًا، والجواب أن الواجب على المسلم ألا يدعو إلا بخير، سواء على زوجته أو غيرها؛ لأن الدعوة قد توافق بابًا مفتوحًا فتقبل، وقد نهى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن الدعوة على الولد، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (وَلَا تَدْعُوا علَى أَوْلَادِكُمْ)([1]) فالولد والزوجة أقرب ما يكونان إلى العبد فلا يجوز له أن يدعو عليهما إلا بخير ، وقد أمر الله -عز وجل-  بمعاشرة الزوج لزوجته بالمعروف، فقال -عز ذكره-: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء: ١٩].فليس من المعاشرة بالمعروف الدعاء على الزوجة بالموت.

هذا في عموم المسألة، أما سؤال الأخ عما إذا كان دعاء الزوج على زوجته يعد طلاقًا، فالجواب أن هذا لا يعد طلاقًا؛ فالطلاق نوعان :صريح وكناية. أما الصريح فهو ما يفهم منه الطلاق صراحة، بمعنى طلاق الزوج لزوجته بعينها، فيقول لها: (طلقتك)، أو (أنت طالق)، أو (أنت مطلقة مني)، ويرى الإمام الشافعي أن الطلاق يكون بعبارة الفراق والطلاق والسراح، فإذا قال الزوج لزوجته: طلقتك أو فارقتك أو سرحتك وقع الطلاق،أما الكناية في الطلاق فيكون بمعنى يحتمل الطلاق ويحتمل غيره، فلو قال الزوج لزوجته: (أنت حرة)، فيحتمل طلاقه لها ويحتمل المعنى الآخر لكلمة (حرة) وهي أنها بالفعل حرة وليست مستعبدة، ومثل ذلك ما لو قال لها: (أمرك بيدك)، احتمل المعنى أن لها الحق بأن تطلق نفسها منه، أو أن مراده حقها في تصرفها في البيت، أو في الشؤون الزوجية.

ولا تعتبر الكناية في الطلاق إلا بالنية، بمعنى أنه لما قال أنت حرة كان يقصد طلاقها منه؛ فالنية في هذا خفية عند الزوج لا يعلمها الا هو، وحسابه على الله، والأصل فيها قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى)([2])

هذا هو الحاصل فلا يعد الدعاء على الزوجة طلاقًا والله – تعالى- أعلم.

[1] رواه مسلم برقم(3009).

[2] – أخرجه البخاري برقم (١).