الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء – رحمهم الله – فيما إذا كان في الزيتون زكاة أم لا، فعند الإمامين أبي حنيفة ومالك، وفي رواية عند الإمام أحمد أن فيه زكاة، وقال به كذلك الإمام الأوزاعي والثوري وأبو ثور([1]). وقال بعدم الزكاة فيه الشافعية والحنابلة، فقال الإمام النووي: الصحيح عندنا أنه لا زكاة فيه، وقال به ابن أبي ليلى([2]).
أما كيفية زكاته: فقال الإمام مالك: لا يخرص وإنما يؤخذ العشر بعد عصره وبلوغه خمسه أوسق، فالزيتون بمنزلة النخيل فما كان فيه فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريًّا العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر([3]). أما الأوزاعي والزهري فقالا يُخرص وتؤخذ زكاته زيتًا. والصواب – والله أعلم – أن في الزيتون زكاة؛ فالأصل فيه: أولًا عموم قول الله – تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ}، [البقرة:267]، فدل هذا على أن كل ما خرج من الأرض فيه زكاة بحكم العموم، ولم يستثن من ذلك إلا الحطب والحشيش والقصب والشجر الذي ليس فيه ثمر. ثانيًا: أن الزيتون في منزلة النخيل؛ كما يقول الإمام مالك، وبمنزلة البر والشعير، فهذه الأصناف من الخارج من الأرض، وهي من حاجات الناس وطعامهم.
والحاصل -جوابًا للأخ السائل- أن في الزيتون زكاة إذا بلغ خمسة أوسق، والوسق ستون صاعًا.
والله-تعالى- أعلم.
([1]) أحكام القرآن” للجصاص 3/16 ، “المنتقى” للباجي 2/163، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي 3/77.