سؤال من الأخ عبد الوهاب من الجزائر، يقول: ما هي مسؤولية الدولة عن شؤون الزكاة؟

مسؤولية الدولة عن شؤون الزكاة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن من المهم الإشارة إلى أن جباية الزكاة من أحكام الإسلام وأركانه، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأخذ الزكاة عن طريق عماله، وينفقها على الجهاد، وحاجات العباد، وقد استمر خلفاؤه من بعده على هذا العمل، فحارب أبوبكر -رضي الله عنه- الذين امتنعوا عن الزكاة حين ظنوها تؤخذ على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقط، فقال قوله الشهير: ” واللَّهِ لَو منعوني عقالًا كانوا يؤدُّونَه إلى رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-لقاتلتُهم علَى منعِه، فقالَ عمرُ بنُ الخطَّابِ: فواللَّهِ ما هوَ إلَّا أن رأيتُ أنَّ اللَّهَ قد شرحَ صدرَ أبي بَكرٍ للقتالِ فعرفتُ أنَّهُ الحقُّ”([1]).

واستمر ولاة المسلمين في كل زمان يأخذون الزكاة من الناس؛ تحقيقًا لأمر الله وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-، والدولة –أي دولة– من بلاد المسلمين اليوم مسؤولة عن جباية الزكاة من الناس المقيمين فيها، فتقوم بهذه الجباية من عروض التجارة، والنقود وغيرها، بواقع ربع العشر (2.5%)، وتختلف الدول في الكيفية التي تتم بها هذه الجباية، فمنها من تأخذ الزكاة كاملة من الشركات، والمؤسسات والأفراد، وتضعها في خزينة الدولة، أو في خزينة أو جهة خاصة، وتنفق منها على المستحقين للزكاة، ممن سماهم الله بقوله -تعالى-: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، [التوبة:60]، ومن هذه الدول من تأخذ الزكاة كاملة من الشركات والمؤسسات وغيرها، وتترك للأفراد بعضًا منها لينفقوها من قبلهم.

ولا شك في أن قيام الدولة بجباية الزكاة ذو فائدتين عظيمتين:

أولهما: أن هذه الجباية تساعدها في تسيير أمورها الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في هذا الزمان الذي كثرت فيه الحاجات والأعباء.

ثانيًا: أن هذه الجباية تساعد الناس على إخراج الزكاة، وعدم التهاون فيها، فلو ترك أمرها للناس لتهاون بعضهم، وأصابته الغفلة عن هذا الركن من أركان الإسلام، وهو ما خشي منه أبوبكر -رضي الله عنه-.

والله -تعالى- أعلم.

 

[1] أخرجه البخاري (7284، 7285)، ومسلم (20)، وأبو داود (1556)، والترمذي (2607) واللفظ له، والنسائي (3970)، وأحمد (117).