سؤال من الأخ عبد الواحد من باكستان يقول: هل القرض الربوي وأكل الربا يمنعان قبول دعاء المسلم؟

هل أكل الربا يمنع إجابة الدعاء

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:                              فالأصل أن يكون مطعم المسلم ومشربه وملبسه ومركبه حلال؛ لأن الله -عز وجل-طيب ولا يقبل إلا طيبًا؛ ولهذا أمر -جل في علاه -عباده بالأكل من الطيبات: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [البقرة: ١٧٢]، وكما أمر رسله بذلك بقوله: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [المؤمنون: ٥١]، والأمر بالأكل من الطيبات ينافي الأكل من ضدها وهو النجاسة؛ بمعنى أن كل شيء نجس في المطعم والمشرب محرم، فلحم الخنزير محرم لنجاسته، والخمر محرمة لنجاستها، والربا محرم لسوء التعامل به؛ لما فيه من استغلال الضعفاء وتسلط الأقوياء عليهم واستغلالهم، ناهيك عن تحريمه بالنص في كتاب الله وفي سنة رسوله محمد – صلى الله عليه وسلم -؛ ففي الكتاب قول الله – تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)) [البقرة: ٢٧٨-٢٧٩]، أما في سنة رسول الله، فقوله -عليه الصلاة والسلام-: (الربا ثلاثةٌ وسبعونَ بابًا ، وأيسرُها مثلُ أنْ ينكِحَ الرجلُ أمَّهُ، و إِنَّ أربى الرِّبا عرضُ الرجلِ المسلمِ)([1])، وسوء التعامل بالربا يمنع إجابة الدعاء، فالعبد عندما يرفع يديه إلى السماء وهو مثقل بالربا ترتد إليه يداه؛ لأن مطعمه ومشربه وملبسه حرام، وهو أساس قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ- تعالى-: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا)، وَقَالَ – تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ؟)([2]).

            فالحاصل أن من شروط إجابة الدعاء أن يكون مطعم العبد ومشربه وملبسه حلال. والله -تعالى- أعلم.

 

[1] – أخرجه ابن ماجة (2275)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (8013)، والحاكم (2259)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (5131)

[2] – رَوَاهُ مُسْلِمٌ [رقم: 1015].