الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالفوائد التي تحصل للمسلم من صيامه كثيرة، فصيامه لشهر رمضان طاعة لله الذي أمر بصيامه في قوله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183]. وصيامه طاعة أيضا لرسول الله ﷺ في قوله: (بني الإسلام على خمس شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان)([1]). وفي طاعة الله ورسوله أمران: الأمر الأول: حصول الأجر والثواب. والأصل في ذلك قول الله تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [النساء: 13]. وقوله تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]. وقوله عز من قائل: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُون} [النور: 52]. وقوله تقدست أسماؤه وصفاته: {وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 71]. والآيات في هذا كثيرة.
الأمر الثاني: أن في عدم الطاعة معصية لله ورسوله، وفي هذه المعصية جزاء وعقاب. والأصل في ذلك قول الله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِين} [النساء: 14]. وقوله عز وجل: {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِينًا} [الأحزاب: 36]. وقوله عز من قائل: {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: 23]. والأصل فيه أيضا قول رسول الله ﷺ: (من أفطر يوما من رمضان بغير عذر لم يقضه صيام الدهر وإن صامه)([2]). هذا فيما فرض على المسلم، أما ما لم يفرض عليه، وهو صيام التطوع، فإن فعله فله عليه أجر وثواب، وإن تركه لم يلزمه شيء.
والمسلم يجني الكثير من فوائد الصيام، أهمها وأعظمها طاعة الله عز وجل وحصول الأجر والثواب على هذه الطاعة؛ ومن هذه
الفوائد راحة الجسم وصحته، وقد أثبتت الوقائع المحسوسة والتجارب المشهودة أن في الصيام فوائد لعلل الأجسام وأمراضها لما فيه من إزالة أثقال الطعام وأضراره، ولم يأمر الله به إلا وفيه فائدة المسلم وخيره في دينه وبدنه.
والله -تعالى- أعلم.
([1]) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج1 ص142-143، برقم (16).
([2]) أخرجه أبو داود في كتاب الصيام، باب التغليظ في من أفطر عمدا، سنن أبي داود، ج2 ص314-315، برقم (239)، وفي سنن الترمذي برقم (723) ج3 ص101، أخرجه البخاري معلقاً بصيغة التضعيف قبل حديث (١٩٣٥)..