الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالأخ السائل يُشكر على غيرته، وحرصه على دينه، ولا شك في أنه في هذا الزمان لا يستطيع الإنسان حجب نظره عن أمر لا يرغب في النظر إليه، ولكنه مضطر إليه، (فاليوتيوب) من مستحدثات العصر، وفيه المفيد وغير المفيد، والحسن وغير الحسن، فهو وسيلة يرى المشاهد أنه لا بد له من النظر إليها، وعلى الأخص ما هو مفيد وحسن فيه، فهو مثل المال الحلال والمال الحرام، فكما يجب على العبد الأخذ بالمال الحلال في مطعمه ومشربه وملبسه، من الطيبات التي أمر الله بها، في قوله-عز ذكره-: ﴿كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ (طه: 81)، يجب عليه تجنب المال الحرام، والابتعاد عنه؛ لأنه من الخبائث التي حرمها الله في قوله-تعالى-: ﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ (الأعراف: 157)، فالعبرة في غلبة هذا على ذلك، فإذا غلب الحلال على المال فلا عبرة للقليل الذي يشوبه، والحال كذا في (اليوتيوب)، الواجب على العبد وهو يشاهده أن ينظر إلى المفيد الصالح منه، ويتجنب الفاسد منه، والأصل فيه قول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: «فمَنِ اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومَنْ وقَع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرْعَى حول الحمى، يُوشك أن يقعَ فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه»([1]).
والحاصل جوابًا لسؤال الأخ: أن للمشاهد (لليوتيوب) الاستفادةَ مما هو مفيد منه، وتجنب ما فيه من المشاهد المنافية للأخلاق، وإذا صادف وهو في بحثه في (اليوتيوب) مشاهد منافية للأخلاق فيجب صرف نظره عنها، ولا إثم عليه-إن شاء الله-. والله -تعالى- أعلم.
[1] أخرجه البخاري: (1/ 117) في الإيمان، باب: فضل مَن استبرأ لدينه، ومسلم برقم: (1599) في المساقاة، باب: أخذ الحلال، وترك الشبهات.