سؤال من الأخ (عبد الرازق بن سالم) من الجزائر يسأل فيه عما إذا كان بخاخ الربو من نوع سيرتيد يفطر الصائم؛ لأن أخاه يستعمله ولم يقو على الصيام بدونه؛ مما اضطره للفطر يومًا.

حكم ما إذا كان بخاخ الربو يفطر الصائم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فمرض الربو يحدث للمريض حين تلتهب قصباته الهوائية، وهو من الأمراض الشائعة في هذا الزمان؛ بسبب ما تتعرض له البيئة من الأضرار الناتجة من التلوث والأتربة، وكثرة أنواع النباتات ونحو ذلك مما هو من أمراض هذا الزمان. ويتعرض له الصغير والكبير، ويكثر السؤال عن حكم صيام من يستخدم علاجه المعروف ببخاخ الربو، ومن المهم معرفة طبيعة هذا الدواء وتركيبه؛ للحكم على ما إذا كان يفطر الصائم أم لا. ويذكر الأطباء ذوو الاختصاص أن علبة البخاخ تتكون من دواء سائل يتكون من عناصر ثلاثة هي: الماء، والأوكسجين، وبعض المكونات الطبية. ويقولون إنه بعد استنشاق المريض لما فيها يصل معظمه إلى القصبات الهوائية، ولا يصل إلى المعدة منه شيء، أو يصل منه شيء لا يذكر لضآلته وقلته.

والمفطرات التي تتم عن طريق الفم هي الأكل والشرب وما يعد في حكمهما، مما يصل إلى معدة الصائم ويقويه؛ لمنافاة ذلك لحكمة الصيام وأمر الله به، فإذا كان الأمر كما ذكر الأطباء من أن ما في علبة البخاخ من دواء، ومعظمها لا يصل إلى المعدة – فلا يكون حكمه حكم الطعام أو الشراب. أما إن كان علاج الربو يتم على شكل كبسولات أو حبوب فهذا مما يفسد الصيام؛ لأن هذه تصل إلى جوف الصائم، ويكون حكمها حكم الأكل والشرب، ويكون للصائم حينئذ حالتان: الحالة الأولى– إن كان لا يحتاج إلى هذا الدواء (الكبسولات ونحوها) إلا لمدة يومين أو ثلاثة أيام أو خمسة فهذا يفطر، ويقضي الأيام التي أفطر فيها. الحالة الثانية: إن كان هذا الدواء يلزمه طيلة شهر رمضان، ولا يرجى برؤه فحكمه حينئذ حكم كبير السن، فيفطر ويطعم عن كل يوم مسكينًا؛ لقول الله -عز وجل-: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:184]. ومعنى يطيقونه أي يتحملونه بمشقة.

وخلاصة المسألة: أن بخاخ الربو يتكون من ماء وأكسجين وبعض المكونات الطبية، ويقول الأطباء أو بعضهم: إن المريض إذا استنشق مما في علبة البخاخ، يتطاير ما يخرج إلى القصبات الهوائية ولا يصل منه شيء إلى المعدة، أو يصل منه إليها ما لا يذكر لضآلته.

ففي هذه الحالة لا يعد في حكم الأكل والشراب؛ فلا يفسد الصيام. أما إن كان الدواء الموصوف لمريض الربو كبسولات أو حبوبًا أو ما في حكمهما- فهذا مما يصل إلى جوف الصائم فيفسد صومه.

فإن كانت نوبات الربو تصيب المريض لمدة يومين أو ثلاثة أو خمسة، فيفطر ويقضي ما أفطر فيه. أما إن كانت حالته مما لا يرجى برؤها ويستمر المرض معه طيلة شهر رمضان فحينئذ يفطر ولا يقضي، ويطعم عن كل يوم مسكينًا.

والله -تعالى- أعلم.