سؤال من الأخ عباد الله من باكستان، يقول: هل تجزئ الضريبة المدفوعة للدولة عن الزكاة؟

هل تجزئ الضريبة المدفوعة للدولة عن الزكاة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن الزكاة ركن من أركان الإسلام، فرضها الله على الأغنياء للفقراء، والأصل فيها قول الله – تعالى-: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، [التوبة:60]، وقول رسول الله – -صلى الله عليه وسلم- – لما بعث معاذ بن جبل -رضي الله عنه- إلى اليمن قال له: (. . . فإن هم أطاعوك بذلك، فأخبرهم أن الله -عز وجل- فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم)([1]) فالزكاة إذًا فرض على الأغنياء وحق للفقراء، وهذا الحق قائم إلى قيام الساعة لا يتبدل ولا يتحول، فمن أدى هذا الحق فقد أدى ما فرضه الله عليه، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه ويستحق بذلك عقاب الله، والأصل فيه قوله -عز ذكره-: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ}، [التوبة:34-35]، والأصل فيه أيضًا من السنة قول رسول الله – -صلى الله عليه وسلم- -: (تأتي الإبل على صاحبها على خير ما كانت، إذا هو لم يعط فيها حقها، تطؤه بأخفافها، وتأتي الغنم على صاحبها على خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقها، تطؤه بأظلافها، وتنطحه بقرونها»، وقال: «ومن حقها أن تحلب على الماء» قال: ” ولا يأتي أحدكم يوم القيامة بشاة يحملها على رقبته لها يعار، فيقول: يا محمد، فأقول: لا أملك لك شيئًا، قد بلغت، ولا يأتي ببعير يحمله على رقبته له رغاء فيقول: يا محمد، فأقول: لا أملك لك من الله شيئًا، قد بلغت)([2]).

فالحاصل: أن الزكاة والضريبة وعاءان مختلفان، فلا تغني الضريبة عن الزكاة، بل يجب إخراجها في وقتها، فريضة من الله على الأغنياء عبادة لله – تعالى- هذا ما مناطه الزكاة، أما الضريبة فوعاؤها يختلف عن الزكاة، فهذه الضريبة مما تفرضه الدول على شعوبها للمشاركة معها في التسيير الاقتصادي والاجتماعي، فلا علاقة لها بالزكاة.

والله -تعالى- أعلم.

 

([1]) أخرجه البخاري (١٤٩٦) واللفظ له، ومسلم (١٩)، أخرجه أبو داود برقم : (2435).

([2]) أخرجه البخاري برقم :(1402).