سؤال من الأخ ص.س. من الجزائر، يقول فيه: ما نصيحتكم للقائمين على الجمعيات الخيرية الذين يجمعون الأموال من الناس؛ لتوزيعها على الفقراء، ولكنهم يأخذون منها لأنفسهم ولمعارفهم؟.

ما يجب على القائمين على الجمعيات الخيرية

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فأول ما يجب على القائمين على الجمعيات الخيرية-سواء كانوا موظفين أم متطوعين-أداء الأمانة، والحفاظ عليها، فقد عظم الله أمرها، وشدد أمر خيانتها في آيات، منها: قوله -عز وجل-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (الأنفال: ٢٧]، وقوله- جل في علاه-: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا﴾ (النساء: ٥٨)، وقوله -جل في علاه-: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ (الأحزاب: ٧٢).

هذا في كتاب الله، أما في سنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – فقوله: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ»([1])، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ»([2]).

فالقائمون على هذه الجمعيات يتولون مسؤوليتهم:

المسؤولية الأولى: مسؤوليتهم عن تبرعات الممولين والمشاركين في هذه الجمعيات، فهم يفترضون أن تبرعاتهم وصدقاتهم تصل إلى المستحقين لها، من الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل؛ فالتقصير في هذا الأمر بالأخذ من هذه التبرعات لأنفسهم أو لأصحابهم يعد خيانة لهؤلاء، والإثم فيه كبير.

والمسؤولية الثانية: أن عدم إيصال التبرعات والصدقات إلى المستحقين لها يعد خيانة لهم، فمن قصر في مسؤولتيه وأمانته بأي نوع من أنواع التقصير يعد ظالمًا للمتبرعين والمستحقين.

إن أمر الأمانة أمر عظيم، وعلى القائمين على هذه الجمعيات في بلاد المسلمين أن يتقوا الله حق تقاته، وألا يخونوا أمانتهم، فإن الخيانة ظلم، وفيها قال-عز وجل-: ﴿وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا﴾ (الفرقان: 19).

 والحاصل أنه لا يجوز لمن ائتُمِنَ في هذه الجمعيات أن يأخذ منها لنفسه إلا إذا كان أجيرًا فيها، فيعطى أجره، كما لا يجوز له أن يحابيَ بها قريبًا أو صديقًا له، ومن فعل غير ذلك عُدَّ خائنًا لأمانته، ظالمًا لنفسه ولغيره. والله المستعان. والله -تعالى- أعلم.

[1] أخرجه أبو داود (3535)، والترمذي (1264)، صححه الألباني في صحيح الترمذي، (١٢٦٤).

[2] رواه البخاري (33) ومسلم (59).