الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فظاهر سؤال الأخ أنه أخبر زوجته في أثناء الخطبة أنه غير منجب للذرية، وأنها الآن تطلب الطلاق.
والجواب أنه إذا كان الأمر كما ذكر فالواجب عليها الصبر مع زوجها؛ لأن من الواجب الوفاء بالعقد، كما قال -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة:1)، وقال -جل في علاه-: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا) (الإسراء:34). ومن السنة قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (المسلمون على شروطهم، إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا)([1]). هذا هو الجانب الشرعي في المسألة، الواجب عليها أن تفي بما تعاقدت عليه وعلمت به عن زوجها.
أما طلبها الطلاق فالأمر يعود للزوج، فقد يتمسك بما تعاقد عليه، ولكن الزواج في ذاته مصدر سكينة ومودة وحسن معاشرة، فإذا فقدت هذه الأسس يصبح الزواج من المشكلات المرهقات؛ ولهذا قال الله -عز وجل-: (وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا)(النساء:130). وعلى الأخ في السؤال ألا ييأس من إنجاب الذرية، فقد أعطى الله عباده الأمل وامتن عليهم بالنعم ومنها الأولاد إذا استغفروه، فقال -عز ذكره-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا *يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) (نوح:10-12). وقد جاء رجل إلى الحسن البصري -رحمه الله- يشكو الجدب، فقال له: استغفر الله، وجاءه رجل ثانٍ يشكو الفقر، فقال: استغفر الله، وجاءه ثالث يشكو العقم، فقال: استغفر الله، ثم تلا قوله – تعالى-: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح 10-12]”([2]).
والله تعالى أعلم.
[1] – أخرجه الترمذي برقم: (1352)، صححه الألباني في صحيح الجامع، (٦٧١٤).
[2] – الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 18/303.