سؤال من الأخ” س.ي” من الجزائر يقول: ما حكم شراء أجهزة الجوال، يشك المشتري أنها مسروقة ولكنه غير متأكد تماما أنها مسروقة؟

حكم بيع وشراء المسروقات

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

فالأصل تحريم السرقة سواء كانت مباشرة كالسطو على أشياء الغير واستحلالها سواء بالاستعمال أو بالبيع أو بالإهداء، فكل ذلك مما حرمه الله، وقد عظم عزوجل أمر السرقة وحدد عقابها بقوله جل في علاه: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38]، كما عظم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرها فلما سرقت القرشية، وجاء أهلها يشفعون فيها قال له -عليه الصلاة والسلام- فيما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ” أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قالَ: إنَّما أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقَامُوا عليه الحَدَّ، وايْمُ اللَّهِ لو أنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا”([1])، وقال -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ” لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وهو مُؤْمِنٌ، ولا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وهو مُؤْمِنٌ، ولا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وهو مُؤْمِنٌ، ولا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً، يَرْفَعُ النَّاسُ إلَيْهِ فيها أبْصارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُها وهو مُؤْمِنٌ”([2]).

فإذا سرق السارق الشيء واستحله لنفسه، فقد ارتكب إثما عظيما فإذا باعه تضاعف عليه الإثم؛ لأنه غش المشتري وكذب عليه بأن المال المباع ماله.

هذا في عموم المسألة: أما عن سؤال الأخ فالواجب على المشتري ألا يشتري الشيء المسروق فإن اشتراه وهو يعلم بأنه مسروق فهو آثم؛ لأن فعله هذا من باب التعاون على الإثم، الذي نهى الله عنه في قوله تقدس اسمه: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]، أما إن كان المشتري لا يعلم عن المسروق ولكنه يشك فيه، فالواجب تركه، والأصل في هذا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الحسن بن علي رضي الله عنهما: ” دع ما يَريبكَ إلى ما لا يَريبُكَ، فإنَّ الصِّدقَ طُمأنينةٌ وإنَّ الكذبَ رِيبةٌ”([3]).

فالحاصل: أن الأخ إذا كان يشك أن الجوال مسروق فالواجب عدم شرائه.

والله تعالى أعلم

[1] أخرجه البخاري(3475).

[2] أخرجه البخاري(6782)، ومسلم(57).

[3] أخرجه الترمذي (2518)، وأحمد (1723) واللفظ لهما، والنسائي (5711) مختصراً وصححه الألباني في صحيح الترمذي برقم(2518).