الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد،،
فالظلم مما حرمه الله على عباده، فبدأ فيه بنفسه بقوله-جل في علاه-في الحديث القدسي الذي رواه أبو ذر الغفاري-رضي الله عنه-أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-روى عن ربه-عز وجل-قوله: «يا عبادي إنِّي حرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي، وجعلتُهُ بينَكم محرَّمًا فلا تَظالموا»([1])، وما رواه جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: «اتَّقُوا الظُّلْمَ، فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يَومَ القِيامَةِ»([2]).
وقد توعد-عز وجل-الظلمة بالعذاب في قوله: ﴿وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا﴾ (الفرقان: 19).
وقد نزه نفسه-عز وجل-عن الظلم بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (يونس: 44)، وقال-عز ذكره-: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ (النساء:40).
والآيات والأحاديث الدالة على عظم الظلم كثيرة، فوجب على العبد تجنب المظالم، وهذا لا يكون إلا برد المظالم إلى أهلها؛ لأن هناك قصاصًا يوم القيامة بين الظالم والمظلوم، فيؤخذ من حسنات هذا، وذلك فيما رواه أبو هريرة-رضي الله عنه-أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: «أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ»؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له، ولا مَتاعَ، فقالَ: «إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ، فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ»([3]).
هذا في عموم المسألة، أما عن السؤال فلا يكفي الحج ولا العمرة أو غيرهما عن الظلم؛ لأن هذه الحقوق لا تغتفر إلا بالتحلل منها، أو المقاصة فيها، فعلى من ظلم أن يتحلل من ظلمه قبل القصاص فيه يوم القيامة. والله-تعالى-أعلم.
[1] -أخرجه مسلم برقم (2577).
[2] -أخرجه مسلم برقم (2578).
[3] – أخرجه مسلم برقم ( 2581).