سؤال من الأخ سيف الدين من الجزائر، يقول: نحن نعرف أن أغلب بنوك البلاد هي ربوية، ومربوطة بمؤسسات مالية دولية ربوية، ولكننا لا نقدر على حفظ أموالنا في بيوتنا؛ خوفًا من اللصوص، فما حكم الشرع بإيداع الأموال النقدية في البنوك بنية الحفظ لا بنية الربح؟

إيداع الأموال النقدية في البنوك بنية الحفظ لا بنية الربح

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن من الضرورات الشرعية حفظ المال، فهو إن كان فتنة فهو زينة، كما قال الله -عز وجل-: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46]. وقد حرم الله التعدي عليه، وكما حرم ذلك رسوله -صلى الله عليه وسلم- فقال وهو في حجة الوداع: ” إنَّ دِمَاءَكُمْ، وأَمْوَالَكُمْ، وأَعْرَاضَكُمْ، وأَبْشَارَكُمْ، علَيْكُم حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا “([1])، وحفظ المال يقتضي عدم التفريط فيه، وفي الماضي كان من السهل على صاحب المال حفظ ماله في منزله، خاصة وأنه ليس كثيرًا، أما في هذا الزمان فقد كثر المال في أيدي الناس، فلم يستطيعوا حفظه إلا في وسيلة مأمونة، وقد وجدوا هذه الوسيلة في البنوك، فأصبحوا يودعون ما لديهم من مال فيها؛ حفظًا له من التعدي عليه بالسرقة ونحوها من أنواع التعدي، ويرى بعض الملتزمين تحريم وضع المال في البنوك أو كراهته؛ بحجة أن أمواله ربوية واختلاط مال المودع بأموال البنك يجعله مظنة الربا، ولعل في هذه الحجة مبالغة في الوصف، فواقع الحال أنه ليس أمام صاحب المال من وسيلة لحفظ ماله، وهو حق شرعي له، إلا هذه الوسيلة؛ لأن وضعه في وسيلة أخرى يعرضه للضياع، والأمور بمقاصدها، والأصل نية المودع فيما يودعه، فإذا وضع ماله في البنك لمجرد حفظه فلا حرج عليه في ذلك -إن شاء الله-، وفي ذلك قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى”([2]).

وأما الفوائد التي تنتج من استثمار البنك للمال، فيجب إنفاقها في المصالح العامة، كالطرق والمستشفيات ونحوها. لعل في ذلك تطهيرًا لهذه الفوائد.

والله -تعالى- أعلم.

 

[1] رواه البخاري (7078).

[2] رواه البخاري برقم(1).