سؤال من الأخ سمير ق… من الجزائر يقول فيه: لا أخشع عند الصلاة فماذا أفعل لكي تكون صلاتي مقبولة؟.

عدم الخشوع في الصلاة وما العمل لقبول الصلاة

الخشوع في الصلاة اطمئنان القلب، واتجاه الجوارح إلى استشعار عظمة الله، والخوف منه. ولما كان في الصلاة ما تحتاجه النفس من الصبر عليها، لما تنتهي عنه من الشهوات المحرمة والفواحش، بَيَّن الله أنها كبيرة أي ثقيلة إلا على الخاشعين فقال عزوجل: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِين}([1]). {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُون}([2]). وهؤلاء هم الذين اطمأنت نفوسهم، وآمنوا بالله حق الإيمان، فسكنت جوارحهم من خشيته. ثم أثنى عزوجل عليهم ووصفهم بالمؤمنين فقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُون}([3]). {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُون}([4]). إلى قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُون}([5]). {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُون}([6]).

وقد حث رسول الله ﷺ على الخشوع في الصلاة فقال: (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصى)([7]). وقد رأى -عليه الصلاة والسلام- رجلًا يعبث بلحيته في الصلاة فقال: (لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه)([8]).

والخشوع في الصلاة يقتضي عدم الحركة فيها ما لم يكن لها ضرورة، مثل الابتعاد عما يؤذيه كالحشرات، أو إزالة شيء من النجاسات في مصلاه، أو ملابسه، أو اضطر إلى الحفاظ على صبيه أو صبي غيره، كما فعل ذلك رسول الله ﷺ مع أمامة ابنة زينب حين حملها وهو يصلي([9]). وفعله -عليه الصلاة والسلام- مع حفيديه في الصلاة حين ركب الحسن أو الحسين على ظهره وهو ساجد([10]). أما الحركات المتكررة، أو التي ليس لها ضرورة كالعبث باللحية أو الملابس، أو الجوال، أو النظر فيه عند رنينه أو نحو ذلك فهذه تناقض الخشوع، بل قد تبطل الصلاة. ولا شك أن الشيطان وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم يترصد للمصلي حتى يفسد عليه صلاته؛ فيذكره فيها بأمور الدنيا، ويوسوس له بما يشاء حتى يذهب خشوعه، ويفسد عليه صلاته. وليس من سبيل إلا أن يتجه المصلي بقلبه إلى الله، فإذا وسوس له الشيطان استشعر عظمة الله الذي يتجه إليه في صلاته، فأفسد على الشيطان وساوسه.

([1]) سورة البقرة الآية 45.

([2]) سورة البقرة الآية 46.

([3]) سورة المؤمنون الآية 1.

([4]) سورة المؤمنون الآية 2.

([5]) سور المؤمنون الآية 10.

([6]) سورة المؤمنون الآية 11.

([7]) أخرجه الإمام أحمد في المسند، ج5 ص150، 163، صححه السيوطي في الجامع الصغير، (٧٨١).

([8]) أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول كما في الجامع الصغير للسيوطي بشرحه فيض القدير للمناوي، ج5 ص319، ونقل المناوي عن العراقي أنّ في إسناده راوياً متفقاً على ضعفه، وأورده الحافظ ابن حجر في فتح الباري، ج2 ص264، وقال: (وأما حديث لو خشع هذا خشعت جوارحه) ولم يعلق عليه.

([9]) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية على عنقه في الصلاة، فتح الباري، ج1 ص703، برقم (516).

([10]) أخرجه النسائي في كتاب الافتتاح، باب هل يجوز أن تكون سجدة أطول من سجدة، سنن النسائي، ج2 ص229-230، وأخرجه الإمام أحمد في المسند، ج3 ص494، والبيهقي في كتاب الصلاة، باب الصبي يتوثب على المصلي ويتعلق بثوبه فلا يمنعه، السنن الكبرى، ج2 ص263.