سؤال من الأخ ساعد ج… والأخ ع… ن… من الجزائر عن الفرق بين دم الحيض والاستحاضة، وهل يجب الغسل من كل منهما؟.

الفرق بين دم الحيض والاستحاضة.

 الحيض: جريان الدم من المرأة بحكم طبيعتها، وهو أمر كتبه الله على بنات آدم كما قال ذلك رسول الله ﷺ، وله وقت معلوم حيث تتعرض له المرأة في الغالب كل شهر، ويناط به عدة أحكام:

الأول: يحرم وطء المرأة أي جماعها، والأصل فيه قول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ}([1]).

الثاني: يحرم عليها الصلاة ويسقط الفرض عنها خلال الحيض، لقول رسول الله ﷺ: (إذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة)([2]). وقول عائشة -رضي الله عنها-: ‹‹ كنا نحيض على عهد رسول الله ﷺ فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة›› ([3]).

الحكم الثالث: يحرم صيام الحائض مدة الحيض سواء كان فرضًا أو نفلًا، وعدم سقوط فرض الصيام عنها، وعليها أن تقضيه للحديث السابق الذي ذكرته عائشة -رضي الله عنها-.

الحكم الرابع: يحرم عليها مس المصحف وقراءة القرآن لقول الله تعالى: {لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُون}([4]).

الحكم الخامس: يحرم عليها الطواف بالبيت أو المكث في المسجد إلا لحاجة كالعبور منه، لقول رسول الله ﷺ لعائشة: (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري)([5]).

الحكم السادس: يحرم طلاقها في مدة الحيض وذلك خلاف الحامل التي يجوز طلاقها خلال حملها.

الحكم السابع: وجوب الغسل عليها بعد انقطاع دم الحيض، لقول رسول الله ﷺ: (دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي)([6]).

الاستحاضة: دم يجري من المرأة خلاف العادة، فقد يستمر جريانه دون انقطاع وقد يتوقف أو ينقطع جريانه من وقت لآخر، وله حالات ثلاث:

 الحالة الأولى: أن تكون لها عادة معلومة قبل طروء الاستحاضة عليها، فهذه تعامل نفسها مثل مدة حيضها المعلوم لها، فإذا كانت عادتها السابقة في الحيض ستة أيام أو سبعة أيام -مثلًا- ثم زاد الدم عليها خلاف عادتها السابقة فتجلس هذه المدة، ويكون حالها حال الحائض، وما زاد يكون حكمها حكم المستحاضة.

الحالة الثانية: أن تكون الاستحاضة مصاحبة لها منذ بدء نزول الدم منها، وفي هذه الحالة يجب عليها معرفة طبيعة الدم الجاري منها، فما كان منه دم حيض فحكمها حكم الحائض، وما كان خلافه فهو دم استحاضة. والنساء يعرفن ويميزن دم الحيض من غيره، وقد بينه رسول الله ﷺ لفاطمة بنت أبي حبيش في قوله: (إذا كان دم الحيضة فإنه أسود يعرف فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق)([7]).

الحالة الثالثة: ألا يكون لها حيض بيِّن، ولا تستطيع تمييز طبيعة جريان الدم منها لاضطرابه، فهذه يجب عليها الاقتداء بمن هنّ مثلها من أخواتها أو صديقاتها، فيكون حيضها ستة أيام أو سبعة أيام كما هو الغالب في النساء.

وحكم المستحاضة حكم المرأة الطاهرة، إلا أنها تفترق عنها في حالات ثلاث: الحالة الأولى: إذا أرادت الصلاة وجب عليها غسل فرجها وما أصابها من الدم، ثم تضع عليه ما يمنع جريان الدم، لقول رسول الله ﷺ لحمنة بنت جحش: (أنعت لك الكرفس ‹‹ القطن›› فإنه يذهب الدم)، قالت: فإنه أكثر من ذلك، قال: (فاتخذي ثوبًا)، قالت: هو أكثر من ذلك، قال: (فتلجمي)([8]).

الحالة الثانية: أن تتوضأ لكل صلاة وتصلي بطهارتها من الفرائض والنوافل ما تريد، حتى يخرج الوقت فإذا خرج بطلت طهارتها، وحينئذ تتوضأ للصلاة الأخرى لقول رسول الله ﷺ لفاطمة بنت أبي حبيش: (اغتسلي ثم توضئي لكل صلاة)([9]).

الحالة الثالثة: مسألة جماعها فقيل لا يطؤها زوجها ما لم يكن ثمة ضرورة، كما لو خشي العنت على نفسه من عدم الوطء، وقيل يحل وطؤها مطلقًا([10]).

 

([1]) سورة البقرة من الآية 222.

([2]) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، فتح الباري، ج1 ص396، برقم (228).

([3]) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص182-183، برقم (335).

([4]) سورة الواقعة الآية 79.

([5]) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام وأنّه يجوز إفراد الحج والتمتع والقران، وجواز إدخال الحج على العمرة، ومتى يحلُّ القارن من نسكه، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج4 ص112-224، برقم (1211)، وأخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، فتح الباري، ج1 ص485-486، برقم (35).

([6]) أخرجه البخاري في صحيحه، (٣٢٥). وأخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب المرأة تستحاض، ومن قال تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض، وباب إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة، سنن أبي داود، ج1 ص71-75، برقم (274، 284).

([7]) أخرجه النسائي في كتاب الطهارة، باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة، سنن النسائي بشرح السيوطي وحاشية السندي، ج1 ص185، حسنه الألباني في صحيح أبي داود، (٢٨٦).

([8]) أخرجه الترمذي في أبواب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة أنّها تجمع بين الصلاتين بغُسل واحد، سنن الترمذي، ج1 ص221-222، برقم (128).

([9]) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب من قال توضأ لكل صلاة، سنن أبي داود، ج1 ص82، برقم (304)، صححه الألباني في صحيح أبي داود، (٢٩٨).

([10]) الكافي، ج1 ص178-179.