سؤال من الأخ ر..س. من الجزائر، يقول: أب أوصى أبناءه وقد ترك مبلغًا من المال أن يستعملوه كله بعد وفاته في إتمام بناء السكن، هل تعد هذه وصية شرعية؟ هل تسقط إذا لم يتفق أحد الورثة وأراد أخذ نصيبه الشرعي؟ هل هو عاق؟

حكم وصية الأب لولده

   الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

   فقد حكم الله ببر الولد لوالده، وحكمه الحق الذي لا يتبدل ولا يتحول ولا يزول، فقال -عز من قائل-: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) (الإسراء: ٢٣)، والإحسان يشمل كل ما يجب على الولد من بر والديه، سواء كان مناط هذا البر معاشه، أو ما مناطه الرفق به والشفقة والعطف عليه في حال كبره، أو كان مناط هذا البر في قبول قوله وطاعته، ووجوب هذا البر على الولد يشمل بالضرورة تنفيذ وصيته كما في السؤال، بمعنى أنه إذا كان الأب قد أوصى ولده أن يكملوا بناء المسكن من المال الذي تركه لهم وجب عليهم تنفيذ وصيته، فهذه الوصية في ظاهرها شرعية ولازمة لهم، يجب عليهم تنفيذها، فإن لم يفعلوا باؤوا جميعًا بالإثم، وإن أراد أحد منهم أخذ نصيبه من المبلغ أصبح عاقًّا لوالده، وعاقبة العقوق الإثم الشديد.

    فالحاصل أن وصية الأب لأولاده في السؤال وصية شرعية في ظاهرها، ومن أراد منهم الامتناع عن تنفيذها يعد عاقًّا لوالده. والله -تعالى- أعلم.