سؤال من الأخ راجي رحمة ربه من الجزائر، يقول: هل يجوز الاقتداء بالمسبوق الذي قام لإكمال صلاته بعد سلام الإمام حيث يكثر وقوع هذه المسالة في مساجد الطرق؟

إمامة المسبوق وحكم الاقتداء به

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فيجوز الاقتداء بالمسبوق الذي قام لإكمال صلاته بعد سلام الإمام من الصلاة، بمعنى لو دخل المسبوق المسجد ووجد الناس قد صلوا ولكنه وجد مسبوقًا يصلي، جاز لهذا الداخل للمسجد الصلاة معه، على أن يكمل هذا الداخل صلاته إذا كان المسبوق قد سبقه بركعة أو ركعتين أو أكثر، وعلى المسبوق أن ينوي الإمامة، فهذا جائز ولا حرج فيه، وكذا لو وجد الداخل المسجد شخصًا يصلي بمفرده، بعدما انتهى الإمام من الصلاة جاز له أن يصلي معه، على أن يقف عند يمينه.. وهكذا لو دخل شخص آخر يلحق بهما، فيقفون خلفه، فيكون لهم في ذلك أجر الجماعة.

وكذا لو دخل عدد من المسبوقين المسجد ووجدوا أن الإمام قد صلى من صلاة العشاء ركعتين، فعلى كل منهم أن يستمر مع الإمام حتى ينتهي من صلاته، ثم يصلي كل واحد منهم بنفسه، والأصل في هذا أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان في غزوة تبوك فذهب لقضاء حاجته، فتأخر فأقام الناس الصلاة وقدموا عبدالرحمن بن عوف، كما روى المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أنَّه غَزا مع رسولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – غَزْوةَ تَبوكَ، قال المُغيرةُ: فتَبرَّزَ رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – قِبلَ الغائطِ، فحَمَلتُ معه إداوةً قبلَ صَلاةِ الفَجرِ، فلمَّا رَجَعَ رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – إليَّ، أخَذتُ أُهريقُ على يدَيه مِن الإداوةِ، وغَسَلَ يدَيه ثلاثَ مِرارٍ، ثُمَّ غَسَلَ وَجهَه، ثُمَّ ذَهَبَ يُخرِجُ جُبَّتَه عن ذِراعَيه، فضاق كُمَّا جُبَّتِه، فأدخَلَ يدَيه في الجُبَّةِ، حتى أخرَجَ ذِراعَيه مِن أسفلِ الجُبَّةِ، وغَسَلَ ذِراعَيه إلى المِرفَقَينِ، ثُمَّ مَسَحَ على خُفَّيه، ثُمَّ أقبَلَ، قال المُغيرةُ: فأقبَلتُ معه حتى نَجِدَ النَّاسَ قد قَدَّموا عبدَ الرَّحمنِ بنَ عَوفٍ يُصلِّي بهم، فأدرَكَ إحدى الرَّكعتَينِ، قال عبدُ الرَّزَّاقِ، وابنُ بَكرٍ: فصَلَّى مع النَّاسِ الرَّكعةَ الآخِرةَ، فلمَّا سَلَّمَ عبدُ الرَّحمنِ، قام رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -، يُتِمُّ صَلاتَه، فأفزَعَ ذلك المُسلمينَ، فأكثَروا التَّسبيحَ، فلمَّا قَضى رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – صَلاتَه أقبَلَ عليهم، ثُمَّ قال: أحسَنتُم، أو: قد أصَبتُم، يَغبِطُهم أنْ صَلَّوُا الصَّلاةَ لوَقتِها( [1]).

[1] رواه مسلم(274).