الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد وصف الله ثلاثة من الحيوانات للركوب والزينة، فقال-عز وجل-: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ (النحل: 8)، وقد حرم رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أكل لحم الحمر الأهلية والبغال، ولم يحرم لحم الخيل، وذلك فيما رواه جابر بن عبد الله-رضي الله عنه-بقوله: “ذَبَحنا يومَ خيبرَ الخيلَ والبِغالَ والحَميرَ، فنَهانا رسولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم-عنِ البِغالِ والحَميرِ، ولم يَنْهَنَا عنِ الخيلِ”([1]).
وقد اختلف الفقهاء في ذلك، فذهب الشافعية والحنابلة-وهو قول للمالكية-إلى إباحة الخيل([2])، وذهب الحنفية في الراجح عندهم-وهو قول للمالكية-إلى حِلِّ أكلها مع الكراهة التنزيهية، ذهبوا إلى كراهة أكل لحم الخيل احتياطًا؛ لأن في أكلها تقليلَ آلةِ الجهاد([3]).
والحاصل أن لحم الخيل حلال؛ لأن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-سكت عنه، والسكوت في معرض الحاجة كلام-كما يقول الفقهاء، فسكوته-عليه الصلاة والسلام-عن النهي عنها دليل على إباحتها، والجاري في بعض بلدان المسلمين جواز أكلها، ومن يمتنع عن ذلك ربما يرى أن الخيل للزينة والركوب، وليست للطعام.
والله – تعالى- أعلم.
[1] أخرجه البخاري (5520)، ومسلم (1941) بمعناه، وأبو داود (3789)، وأحمد (14883)، واللفظ لهما.
[2] نهاية المحتاج، ج8 ص 143، والمغني مع الشرح الكبير ج11ص66، وحاشية الرهوني ج3ص39.
[3] بدائع الصنائع ج5 ص38-39، وحاشية ابن عابدين ج1 ص 148، وج5 ص 193، وحاشية الدسوقي ج2 ص117.