الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فالجواب على ما ذكر أن الحيل قديمة في تاريخ الإنسان ليحصل بها على منفعة يعتقد أنها مشروعة وهي خلاف ذلك وقد ابتلى الله بها بني إسرائيل عقابا لهم على فسقهم، فقد حرم عليهم صيد الحيتان يوم السبت حيث تكون طافية على الماء فتحايلوا على ما شرع الله لهم بسوقها إلى حياض أعدت لها فتجتمع فيها فيأخذونها يوم الأحد ثم تختفي بقية الأيام فكان فعلهم هذا تحايل على ما شرعه الله لهم فابتلاهم الله على مخالفتهم لشرعه والأصل في هذا قوله تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: 163].
وفي مشروعية الحيل وعدم مشروعيتها خلاف بين الفقهاء على قولين:
القول الأول: تحريم الحيل عامة: وهو قول المالكية ([1])، والحنابلة ([2]).
القول الثاني: جواز الحيل: وهو قول الحنفية([3])، والشافعية([4])، والظاهرية([5]).
هذا في عموم المسألة: أما مفهوم المسألة، فإن للزوجة منحة من الشبكة الاجتماعية وقد صدر قانون يقضي بإعفاء كل زوجة من هذه المنحة كل من يملك سيارة، ويريد الزوج أن يكتب سيارته باسم شخص آخر كحيلة لكي تبقى الزوجة تتقاضى المنحة، وفي هذا التحايل مخالفة من وجهين: الوجه الأول أن الهدف من تغيير مالك السيارة تحايل على ما صدر من قانون؛ لأن الهدف غير مشروع وهو استمرار المنفعة.
الوجه الثاني: أن فيه مخالفة لما أصدره ولي الأمر لمنفعة العموم بهذا الأمر وقد أمر الله عز وجل بوجوب طاعة ولي الأمر والأصل فيه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلً} [النساء: 59].
والأصل فيه أيضا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: (مَن أطاعني فقد أطاع اللهَ ومَن عصاني فقد عصى اللهَ ومَن أطاع الأميرَ فقد أطاعني ومَن عصى الأميرَ فقد عصاني)([6]).
فالحاصل أن فيما ذكره الأخ حيلة والهدف منها ابتغاء منفعة وهذه المنفعة ليست مشروعة لما فيها من المخالفة الظاهرة.
والله تعالى أعلم.
[1] – الموافقات، للشاطبي 3/ 109، حاشية الصاوي 3/ 623.
[2] – المغني، لابن قدامة 4/ 43، الإنصاف، للمرداوي 9/ 121.
[3] – المبسوط، للسرخسي 30/ 210، البناية شرح الهداية، للعيني 11/ 387.
[4] – روضة الطالبين، للنووي 5/ 115، المنثور في القواعد، للزركشي2/ 93، فتاوى ابن الصلاح، ص47.
[5] – المحلى، لابن حزم 7/ 554.
[6] – أخرجه البخاري (٧١٣٧)، ومسلم (١٨٣٥)، أخرجه ابن حبان في صحيحه برقم : (4556).