سؤال من الأخ خليل الله من باكستان، يقول: هل يجوز لصاحب الزكاة أن يعطيها لزوج ابنته، لصرفها في مصاريف زواجه؛ لأنه من الفقراء؟

استحقاق زوج بنته الفقير للزكاة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالفقير يستحق الزكاة هذا حكم، حكم الله به في قوله – تعالى-: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، [التوبة:60]، لكن من هو الفقير؟

اختلف الأئمة في ذلك:

فعند الحنفية: الفقير من يملك من المال دون نصاب من المال النامي.([1]).

وعند المالكية: الفقير من يملك شيئًا لا يكفيه طول عام([2]).

وعند الشافعية: الفقير من لا يملك شيئًا ألبتة، أو يجد شيئًا يسيرًا من مال أو كسب لا يقع موقعًا من الكفاية([3])، ومثل هذا التعريف عند الحنابلة([4]).

ورغم الاختلاف في هذا التعريف إلا أنهم يتفقون أن الفقير من يصعب عليه معاشه، وقد يختلف تعريف الفقير من زمان إلى آخر؛ ففي الماضي كان مهر الزواج معقولًا يستطيعه الإنسان، وقد يكون على خلاف ذلك في زمان آخر كما هو واقع الحال اليوم في بعض بلدان المسلمين من ارتفاع تكاليف الزواج، وقد يسمى فقيرًا من لا يملك مسكنًا في الوقت الحالي؛ نظرًا لارتفاع تكاليف السكن والإيجار، ولا يسمى هذا فقيرًا في الماضي لرخص السكن وبساطة تكاليفه. وقد بين الله -عز وجل- ضرورات الإنسان في حياته في قوله -عز ذكره- لآدم: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ}، [طه: 118-119]، فوجب ألا يجوع العبد ولا يتعرى من فقد اللباس، كما وجب أن لا يظمأ، ولا يضحى أي يتعرض للشمس لفقده للسكن، وهذا لا يكون إلا بوجود سكن له.

هذا في العموم، أما عن سؤال الأخ، فالجواب أن المذكور إذا كان لا يملك تكاليف زواجه؛ لفقره، ولا يستطيع في المدى المعقول الحصول على هذه التكاليف- يكون من المستحقين للزكاة؛ لأن الزواج من ضرورات العبد في حياته، وقد حث عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)([5])، والأحاديث في هذا كثيرة.

فالحاصل: أنه يجوز لصاحب الزكاة إعطاء زوج ابنته من زكاته بشرطين: أولهما: أن يكون فقيرًا حسب عرف المكان، وثانيهما: أن لا يكون الهدف محاباته بحكم زواجه من ابنة صاحب الزكاة.

والله – تعالى- أعلم.

[1] -حاشية ابن عابدين 2 / 58.

[2] -حاشية الدسوقي 1 / 492.

[3] -حاشية القليوبي 3 / 195، ومغني المحتاج 3 / 106.

[4] -كشاف القناع 2 / 271 – 272.

[5] – أخرجه الحاكم في المستدرك برقم (2685) وأبو داود برقم (2050)، صححه الألباني في صحيح الجامع، (٢٩٤٠).