الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد، ،

فإن كسب المال يجب أن يقوم على مشروعيته في ذاته، ومشروعيته في الوسيلة إليه، فمشروعيته في ذاته: أن يكون مباحا كالعمل التجاري ومشروعيته في الوسيلة إليه: بأن تكون هذه الوسيلة مباحة ولا تكون محرمة كالمال المكتسب من القمار ونحوه، والأصل أن يكون هذا المال على هذا النحو وبهذا أمر الله رسله أن يأكلوا من الطيبات في قوله تقدس اسمه: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]، كما أمر جل في علاه المؤمنين بأن يأكلوا من الطيبات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: 172]، من هنا حرم الدين الربا، وكل عمل يخالف الطيبات، فحرم الأكل من الباطل وحرم الميسر، وحرم الخبائث أيا كان مسماها، وحرم الغش والتعدي على حقوق العباد، وبين -عليه الصلاة والسلام- أن آكل الحرام لا يستجاب دعاؤه وذلك فيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ” أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]، وقالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟!”^([1])، كما بين -عليه الصلاة والسلام- الحلال والحرام بقوله فيما رواه النعمان بن بشير رضي الله عنه: “إنَّ الحلالَ بيِّنٌ وإنَّ الحرامَ بيِّنٌ وبينهما أمورٌ مُشتبِهاتٌ لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس فمنِ اتَّقى الشُّبُهاتِ استبرأ لدِينِه وعِرضِه، ومن وقع في الشُّبهاتِ وقع في الحرامِ، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشكُ أن يرتعَ فيه”^([2]).

هذا في عموم المسألة: أما عن سؤال الأخ فلا يجوز كسب المال من طرق غير مشروعة، كمشاهدة الأفلام الإباحية والأغاني ورقص النساء، فكل هذه أفعال غير مشروعة وكل كسب من ورائها يعد حراما.

والله تعالى أعلم.

[1] -أخرجه مسلم (1015).

[2] – أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599).