الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فالجواب على السؤال من وجهين:
الوجه الأول: دعاء الله بإنجاب الولد وهذا الدعاء مشروع بل مطلوب، فعلى العبد أن يدعو ربه بما فيه خير له في دينه ودنياه، ومن هذا الدعاء بإنجاب الذرية، فقد دعا بذلك نبي الله زكريا -عليه السلام- فيما حكاه الله عنه بقوله تعالى: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ) (الأنبياء:89)، وقوله تعالى: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ، فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ) (آل عمران:38-39)، فمن حسن حظ العبد أن يهبه الله ذرية صالحين، يبرونه في كبره ويدعون له بعد مماته، وفي هذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبوهريرة -رضي الله عنه-: “إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له”([1]).
فدل هذا على أن إنجاب الولد نعمة من نعم الله على خلقه، وأن في إنجابهم خير له وخير للأمة، ولهذا دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمته إلى كثرة النسل بقوله -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه-: “تزوَّجوا الوَدودَ الولودَ فإنِّي مُكاثرٌ بِكُمُ الأُممَ”([2]).
الوجه الثاني: القول بكره السائل للبنات، وهذا القول من دعاوى الجاهلية في كرههم للإناث، وقد مقت الله هذا الكره، وتوعد الذين كانوا يؤدون البنات بقوله جل في علاه: (وإذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ،بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ) (التكوير:8-9)، وقوله عز وجل عما كان عليه أهل الجاهلية من الإثم: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ، يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) (النحل:58-59).
إن في تربية البنات فضل وأجر عظيم، وفي هذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه عقبة بن عامر -رضي الله عنه-: “مَن كانَ لَهُ ثلاثُ بَناتٍ فصبرَ عليهنَّ، وأطعمَهُنَّ، وسقاهنَّ، وَكَساهنَّ مِن جِدَتِهِ كنَّ لَهُ حجابًا منَ النَّارِ يومَ القيامَةِ”([3]).
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخ: فيستحب له أن يدو ربه بأن يهبه ذرية صالحين كما كان نبي الله زكريا -عليه السلام- يدعو ربه.
أما كرهه للبنات فهو يأثم؛ لأن كرهه هذا من دعوى الجاهلية التي هدمها الإسلام وعليه أن يتذكر أن الأمر بيد الله عز وجل وأن النفع والضر بيده عز وجل فقد تكون الأنثى خير من الذكر قال تقدس اسمه: (لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا) (النساء:11).
وقد دلت المشاهد المحسوسة أن تعاطف البنات مع والديهم بروهن بهم أكثر من تعاطف الذكور.
والله تعالى أعلم.
[1] أخرجه مسلم(1631).
[2] أخرجه أبو داود (2050) واللفظ له، والنسائي (3227) وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود: ” حسن صحيح” (2050).
[3] أخرجه ابن ماجه (3669) واللفظ له، وأحمد (17403)، صححه الألباني في صحيح ابن ماجه، (٢٩٧٤).