سؤال من الأخ ح. ن، مدير مدرسة ضياء العلوم في بنغلاديش، يقول: أينتهي عقد الإجارة أو يفسخ بموت أحد العاقدين، أم تنتقل استمرارية هذا العقد إلى ورثة الميت؟

حكم ما إذا كان عقد الإجارة ينتهي بوفاة أحد طرفيه

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علـى نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

فعقد الإجارة يهدف إلى تحقيق منفعة أو منافع مقابل عوض، كاستئجار المنزل والسيارة ونحو ذلك من المنافع المشروعة، وهو عقد لازم يجب الوفاء به؛ لقول الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، وقوله -جل في علاه- {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34]. والأصل في مشروعيته قول الله -تعالى-: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} [الزخرف: 32]. وفيما روته عائشة -رضي الله عنها- فقد استأجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن الأريقط ليكون دليلًا له وأبي بكر إلى المدينة([1])، وقد أجمعت الأمة في سلفها وخلفها على مشروعية الإجارة، وفق قواعدها من الإيجاب والقبول ورضا الطرفين.

ولا يفسخ العقد إلا لأسباب منها: وجود عيب قديم لم يكن واضحًا للمستأجر أو ظهور عيب طارئ فيه، كرداءة ونحو ذلك مما يعد عيبًا، ومن أسباب الفسخ هلاك العين المستأجرة، كانهدام المنزل وفساد السيارة.

 هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الشيخ فالأصل أن تستمر مدة العقد إلى نهاية أجله، فلو مات أحد طرفيه يقوم الوارث مقامه إلى نهاية هذه المدة؛ لأن العقد ميثاق بين أطرافه لا ينقض إلا بسبب مشروع، كما أشير إليه. وقد وعد الله من ينقض الميثاق بأنه من الخاسرين، في قوله -عز ذكره- {الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة: 27]. ويستوي في ذلك نقض الميثاق بين الله وعباده، أو نقضه بين العباد أنفسهم.

فالحاصل: أن العقد لا ينتهي بوفاة أحد طرفيه، بل يستمر إلى نهاية أجله ويقوم الوارث مقام المورث.

والله -تعالى- أعلم

 

[1] – أخرجه البخاري برقم (2264).