الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالزواج هو عقد نكاح بين رجل وامرأة مستكملا لأركانه وشروطه الشرعية، غير موثَّق بوثيقة رسمية حكومية([1]).
وسمي عُرفيًّا؛ لأجل اعتياد الناس عليه منذ عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى القرن التاسع عشر، فلم يكن المسلمون يهتمون بتوثيق الزواج، ولم يكن في ذلك حرج، بل اطمأنت نفوسهم إليه، فصار عرفا عُرف بالشرع، وأقرهم عليه([2]).
ويلجأ إليه من يعيض في غير المدن والحواضر من البلاد، أو من يريد إخفاء زواجه لسبب من الأسباب أو من يلجأ إليه لسهولته. وهذا الزواج لا يحتاج إلا إلى وجود الولي وشاهدين، إلى جانب الشروط الأخرى من الإيجاب والقبول والرضا ونحو ذلك من شروط الزواج، والأصل في الإشهاد عليه قول الله -تعالى-: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ) (الطلاق:2). وقد درج المسلمون في سابق عهودهم على وجوب هذه الشروط، بحسب أن عقد الزواج من العقود التي سماها بالميثاق الغليظ.
ومع التحول والتطور الذي شهده الإنسان في الأزمنة المعاصرة، ومع العوارض التي قد يتعرض لها الشهود، وما يجب من حفظ حق الأولاد، وغير ذلك مما ينشأ من مشكلات بسبب هذا الزواج، بدت هناك حاجة لتسجيل عقد الزواج؛ حرصًا على توثيقه ودرءًا لما قد يحدث بين الزوجين بسبب عدم كتابته، والشاهد فيه ما بينه الله -عز وجل- عن أهمية توثيق الدَّين بالكتابة في قوله -عز ذكره-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ) (البقرة:282).
وللأسباب المشار إليها أصحبت الجهات المسؤولة في بلاد المسلمين أو بعضها لا تعترف بالزواج الذي لم يسجل كتابة.
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخ فالزواج العرفي زواج صحيح إذا توافرت فيه الشروط الشرعية للزواج، من الولي والشهود والرضا والمهر، وتوافر الإيجاب والقبول، وغير ذلك من الشروط الأخرى، ولكن الجهات المسؤولة في العديد من البلدان لا تعترف بهذا الزواج، وتشترط توثيقه كتابة؛ درءًا لما قد يحدث من المشكلات بسبب عدم التوثيق كتابة.
هذا هو الحاصل في الزواج العرفي، والواجب توثيقه بالكتابة؛ لمصلحة الزوجين وذريتهما.
والله -تعالى- أعلم.
[1] ينظر: د. أحمد بن يوسف بن أحمد الدريويش، الزواج العرفي دراسة فقهية مقارنة، طبعة: دار العاصمة- الرياض، ط1، 1426هـ، 2005م، صـ (81).
[2] ينظر: د. عبد الملك بن يوسف المطلق، الزواج العرفي داخل المملكة العربية السعودية وخارجها دراسة فقهية واجتماعية نقدية، طبعة: دار العاصمة- الرياض، ط1، 1427هـ، 2006م، صـ (187).