سؤال من الأخ ج.ر. من الجزائر يقول: ما حكم الزواج دون حضور ولي المرأة؟

حكم الزواج دون حضور ولي المرأة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

في هذه المسألة خلاف بين الفقهاء -رحمهم الله-:

ففي مذهب الإمام مالك: لا نكاح إلا بولي، وأن الولاية شرط في الصحة. وقيل عنه: إن الولاية سنة([1]).

وفي مذهب الإمام الشافعي: لا يجوز النكاح إلا بولي([2]).

وفي مذهب الإمام أحمد: كذلك([3]).

وفي مذهب الإمام ابن حزم: لا يحل للمرأة النكاح إلا بولي، سواء كانت بكرًا أو ثيبًا([4]).

وقد استدلوا بما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-أنه قال: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن أصابها فلها الصداق، لما استحل من فرجها)([5]). كما استدلوا بأن جمعًا من الصحابة والتابعين أجمعوا على أن المرأة لا تملك تزويج نفسها، ولا غيرها، ولا توكيل غير وليها في تزويجها.

أما الإمام أبو حنيفة ومن معه، فقالوا بجواز نكاح المرأة دون ولي([6])؛ استدلالًا بقول الله -تعالى-: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ) (البقرة: 240)، وقوله -عز وجل-: (حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) (البقرة: 230) وقوله -عز ذكره-: (أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ) (البقرة: 232)، كما استدلوا بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليس للولي مع الثيب أمر)([7]).

وفي هذا الزمان الذي تغيرت فيه الأحوال، وما جد فيه على العباد من تغير في السلوك، وما رافق ذلك من اختلاط في بعض المؤسسات التعليمية، وما ينشأ عن هذا من علاقات تؤدي إلى اختيار المرأة لزوجها دون إذن وليها، بل إصرارها على هذا الاختيار، فإن الواجب شرعًا أن تكون الولاية شرطًا لصحة الزواج؛ للأحاديث المروية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولما أجمع عليه عدد من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم.

ولكن هذا الشرط لا يجب أن يكون وسيلة لتحكم ولي المرأة فيها؛ ليمنع زواجها عضلًا وتعسفًا واستخفافًا بحقها، فمن فعل ذلك سقطت ولايته، وحق لها الزواج بحكم ولاية السلطان؛ لأنه ولي من لا ولي له.

والله -تعالى- أعلم.

 

[1] – الشرح الصغير للدردير 2 / 253.

[2] – مغني المحتاج 3 / 147.

[3] – كشاف القناع 5 / 49، والمغني 6 / 448.

[4] – المحلى بالآثار 9/25.

[5] – أخرجه الترمذي في كتاب النكاح، باب ما جاء لا نكاح إلا بولي برقم (1102)، صححه الألباني في صحيح الترمذي، (١١٠٢)..

[6] – حاشية ابن عابدين 2 / 296، 297.

[7] – أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب في الثيب برقم (2100)، صححه الألباني في صحيح أبي داود، (٢١٠٠)..