الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالأصل حفظ النفس من الأضرار؛ بحسب ذلك من الضرورات الشرعية، والمعنى أن الإنسان مسؤول عن سلامة نفسه وعدم تعريضها للضرر، سواء كان هذا الضرر مباشرًا كاستعمال الخمر والمخدرات في عمومها، أو كان هذا الضرر غير مباشر كاستعمال الأدوية المضرة دون استشارة الطبيب. و في هذا قال الباري -جل في علاه-: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (النساء:29)، وقد حذر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: “من قتَلَ نفسَهُ بحديدةٍ جاءَ يومَ القيامَةِ وحديدتُهُ في يدِه يتوجَّأُ بِها في بطنِهِ في نارِ جَهنَّمَ خَالدًا مخلَّدًا أبدًا، ومن قَتلَ نفسَه بسُمٍّ فَسمُّهُ في يدِه يتحسَّاهُ في نارِ جَهنَّمَ خالدًا مخلَّدًا”^([1]).

فدل هذا على وجوب حفظ النفس وسلامتها وعدم الإضرار بها، سواء كان ذلك بفعل محرم أو بفعل مباح.

هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخ الدكتور عن مادة الكيراتين وأنها منتج تجميلي يستخدم لفرد الشعر، ويسمى أيضًا علاج الكيراتين البرازيلي أو “الشعر البرازيلي”، تزعم الإعلانات المضللة عن منتجات معالجة الشعر بالكيراتين أنها ستجعل الشعر المجعد أو المموج بشكل طبيعي أكثر استقامة وسلاسة، وأن المنتجات تزيل تجعد الشعر وتحسن لونه وتألقه، وتجعل الشعر يبدو أكثر صحة.

وتفيد الصحية تفيد بأن مضار الكيراتين ترتبط باحتوائه على مادة الفورمالدهيد؛ مما يسبب مشاكل صحية كثيرة، منها: تهيج في الجلد، وفي العينين، وفي الأنف، وفي الرئتين، وقد يؤدي إلى الدوخة كذلك، سواءً عن طريق استنشاقه، أو بامتصاصه عن طريق الجلد، فإذا كانت مدة التعرض للفورمالدهيد قصيرة؛ فإنه يسبب ظهور علامات لمرض الربو، وفي حين كانت مدة التعرض له طويلة نسبيًّا، فإنه قد يتسبب في تلفٍ دائم للجهاز العصبي المركزي، ومشاكل رئوية مستمرة. ووفقًا لبعض الدراسات، فقد وجد أيضًا ارتباط بين مادة الفورمالدهيد وتطور مرض اللوكيميا (بالإنجليزية: leukaemia)، حيث تزداد فرصة الإصابة بأحد الأمراض المذكورة عند تكرار العلاج باستخدام الكيراتين.

إلى جانب الأضرار المحتملة من استخدام الطرق الكيميائية لفرد الشعر؛ إلا أن مادة الفورمالديهايد تتسبب أيضًا في ظهور أعراض تحسسية، وضيق التنفس والسعال، وحكة في الجلد وطفح جلدي، وتهيج الأنف والحنجرة، والتهاب شديد في فروة الرأس قد يصل إلى درجة الحروق، إلى جانب الغثيان وتلف الشعر وتساقطه^([2]).

وينبني على هذا أن هذه المادة مضرة بجسم المستخدم لها، أو بأي عضو منه؛ فلا يجوز استخدامها، ولو كان فيها بعض المنفعة للمستخدم، كتسريح الشعر أو تجميله. إنما العبرة بالضرر من عدمه، فإذا توافر هذا الضرر حرم استخدام هذه المادة.

والله -تعالى- أعلم.

[1] أخرجه البخاري (5778)، ومسلم (109)، والترمذي (2043) واللفظ له، والنسائي (1965)، وأحمد (7448).

[2] ينظر: تقرير: ما هي مضار الكيراتين للشعر؟ لإسلام فهمي، المنشور في موقع المعرفة على شبكة الإنترنت.