سؤال من الأخ جابر من الجزائر يقول: هل يشرع للإنسان كتابة وصيته وتركها، حتى وإن لم يكن هناك سفر أو سبب آخر؟

وقت الوصية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالوصية إشعار من الموصي لمن بعده من ولده أو غيره عن وضعه بعد مماته، سواء فيما يتعلق بما له من مال أو ما عليه من دين أو ما يريد أن يثبته في وصيته عن عقيدته ونحو ذلك مما هو مألوف في الوصايا. والواجب على المسلم أن يكتب وصيته قبل أن يفاجئه الأجل، قال -عز وجل- : (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا) [لقمان: ٣٤]، وفي حديث ابن عمر -رضي الله عنه-أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده”([1])، وقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يوصون ويبادرون في كتابة وصاياهم، كما كان الأئمة -رحمهم الله- يكتبون وصاياهم، كما فعلها الإمام الشافعي، وفي المبادرة بكتابة الوصية فوائد عدة منها: فضل الاستجابة للأمر، ومنها أن العبد لا يدري وقت أجله فحق عليه أن تكون وصيته مكتوبة عنده. ومنها أنه في حال مرضه لا يستطيع أن يفصح عن حقيقة وضعه، فإن فعل كانت وصيته حينئذٍ مجالًا للطعن فيها، ومن هذه الفوائد منع الشقاق بين ولده، فإهمال الإيصاء أو التراخي فيه يؤدي إلى احتمال النزاع والشقاق بينهم بعد مماته.

فالحاصل أن على المسلم المبادرة بكتابة وصيته وهو في صحة في بدنه وعقله، والله – تعالى- أعلم.

[1] أخرجه البخاري (2738)، ومسلم (1627).