الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالكلب نجس ما لم يتم تطهير ما ولغ فيه، والأصل فيه قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:( طَهُورُ إناءِ أحَدِكُمْ إذا ولَغَ فيه الكَلْبُ، أنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاهُنَّ بالتُّرابِ)([1]).
وفي السؤال أن الكلب عض الشاة وكسر عظم ظهرها، فذبحها صاحبها، وفيه أقوال: ففي مذهب الحنفية والمعتمد في مذهب الشافعية والحنابلة نصوا على نجاسة سؤر كلب الصيد ، والسؤر يشمل ما تبقى من الشراب والطعام ومن كل شيء ، ولم نقف على استثناء حالة الصيد عندهم([2]).
والقول الثاني : في مذهب الإمام مالك أن سؤر الكلب طاهر، ويغسل الإناء من ولوغه سبعًا ؛ تعبدًا([3])، كما لا يجب غسل ما أصاب الكلب بفمه من الصيد ، بل هو مما يعفى عنه ، وهو أحد الأقوال في مذهب الشافعية، وإحدى الروايتين في مذهب الحنابلة([4]) ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال:” لعاب الكلب إذا أصاب الصيدَ لم يجب غسله في أظهر قولي العلماء ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد ؛ لأنَّ النَّبيَّ – صلى الله عليه وسلم – لم يأمر أحدًا بغسل ذلك ، فقد عُفي عن لعاب الكلب في موضع الحاجة ، وأمر بغسله في غير موضع الحاجة ، فدلَّ على أنَّ الشارع راعى مصلحة الخلق وحاجتهم”([5]).
فإذا كانت عضة الكلب في موقع واحد، والشاة لم تتأثر بهذه العضة أي مازالت سليمة في قوتها، ثم ذبحها صاحبها وهي على تلك الحال فيجوز أكل لحمها بعد تطهير موقع العضة وما حوله واستبعاده. ولكن الأحوط عدم أكل لحمها خشية تسرب سؤر الكلب إلى لحمها. والله -تعالى- أعلم.
[1] صحيح مسلم (279).
[2] ينظر: مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح للشرنبلالي ص:30، و تحفة المحتاج ” (9/331) و ” الإنصاف ” (10/433).
[3] “التمهيد لابن عبد البر” (18 / 269).وينظر : “المقدمات الممهدات” لابن رشد ـ الجد ـ (1 / 89 – 90) .
[4] ينظر:” المجموع ” (9/124) ، و” الإنصاف ” (10/434)
[5] ” مجموع الفتاوى ” (21/620)، وانظر (19/25-26).