سؤال من الأخ جابر من الجزائر، يقول: بما أنه جاز للزوجين الكذب على بعضهما؛ حفاظًا للحياة الأسرية ودوام العشرة بينهما، فهل يجوز لغيرهما الكذب للإصلاح وخاصة بين الإخوة والأقارب؟

حكم الكذب من أجل الصلح بين الأقارب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالأصل أن الكذب في عمومه محرم، سواء كان الكذب على الله أو على رسوله أو على عباده، ويستثنى منه ما يكون فيه نفع لعبد أو عباد من عباد الله. ومدار سؤال الأخ عن الكذب المراد منه الإصلاح بين الأقارب لمنع القطيعة بينهم، فهذا الكذب ليس محرمًا، والأصل فيه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرًا، أو يقول خيرًا)([1])، وكذا ما ذكرته أم كلثوم بنت عقبة بن معيط -رضي الله عنها- قالت: “لم أسمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: الإصلاح بين الناس، والحرب، وحديث الرجل امرأته والمرأة زوجها”، فدل هذا على أن المستثنى من الكذب المحرم هذه الأمور الثلاثة؛ لأن النية فيها تحكم بجوازها وصحتها، فمن كانت نيته من الكذب الإصلاح بين الأقارب أو غيرهم؛ خوفًا عليهم من القطيعة فهو على ما نوى؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله،..)([2]).

فالحاصل -جوابًا عن السؤال-: جواز الكذب بنية الإصلاح بين الأقارب وغيرهم.

والله – تعالى- أعلم.

 

[1] أخرجه البخاري برقم (2692).

[2] أخرجه البخاري برقم(1).