سؤال من الأخ: ث. ر. من الجزائر، يقول: السؤال المطروح: ما حكم الإقامة في بلد لا تستطيع أن تمارس فيه شعائر الدين؟

الإقامة في بلد لا يستطيع المسلم فيه ممارسة شعائر دينه

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأما بعد:

فالأصل أن يكون المسلم في بلد يستطيع فيه إقامة شعائر دينه، فإن لم يكن له ذلك وجب عليه أن يهاجر منه، كما فعل ذلك عدد من آل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته حين هاجروا إلى الحبشة، لما منعهم المشركون في مكة من إقامة شعائر دينهم، والأصل في ذلك قول الله -تعالى-: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا﴾ [النساء: 97].

وقد استثنى الله من الهجرة المستضعفين من الرجال والنساء والولدان إذا لم يكن لهم حيلة، فقال -عز ذكره-: ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [النساء: 98-99].

وينبني على هذا أن المسلم إذا كان في بلد لا يقدر فيه على إقامة شعائر دينه، كمنعه من ممارسة هذه الشعائر، أو التضييق عليه فيه، وحرمانه من الرزق فيه – فهنا يجب عليه أن يهاجر منه إلى بلد آخر، فإن كان ضعيفًا أو عاجزًا أو لم يكن له حيلة يهتدي بها في الهجرة من بلده فهنا يجوز له الإقامة فيه، ويمارس شعائر دينه سرًّا كما كان يفعل بعض المسلمين في مكة، قبل البعثة النبوية، وقبل أن يؤمروا بالهجرة إلى المدينة.

والله -تعالى- أعلم.