سؤال من الأخ ب… ل من الجزائر يقول فيه: يتهاون كثير من المرضى في أداء الصلوات ويقولون: إذا شفينا قضينا الصلاة. وبعضهم يقول: كيف أصلي وأنا لا أستطيع الطهارة ولا أتنزه من النجاسة؟ ويقول الأخ السائل: فما الحكم في ذلك؟.

تهاون المرضى في أداء الصلوات

لا يجوز بأي حال ترك الصلاة لامن المريض ولا من غيره؛ لأن أمرها عظيم، والتهاون فيها من أشد الكبائر؛ فلا عذر لأحد في تركها أو التهاون فيها. وقد يسر الله أمرها للمريض فإن كان لا يستطيع أداء الصلاة قائمًا صلاها قاعدًا، وإن كان لا يستطيع القعود أو الركوع أو السجود صلى مستلقيًا على ظهره، أو على جنبه حسب استطاعته ويومئ بالركوع والسجود. والأصل في ذلك ما رواه أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ سقط من فرس فخدش -أو فجحش- شقه الأيمن فدخلنا عليه نعوده فصلى قاعدًا فصلينا قعودًا([1]). وقوله -عليه الصلاة والسلام- لعمران بن حصين لما مرض: (صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا فإن لم تستطع فعلى جنب)([2]).

فإن كان مرضه يزداد بقيامه أو قعوده أو ركوعه كما في حالة ألم الظهر، أو كان مرضه يزداد بسجوده كما في حالة مرض العين، فعليه أن يصلي على النحو الذي لا يزيد في مرضه فينوي بقلبه، ويتكلم بما يلزمه التكلم به كقراءة الفاتحة، وإذا وصل إلى الركوع نوى له، وإذا وصل إلى السجود نوى له، وهكذا حتى يكمل صلاته.

وأما قول المريض إنه إذا شفي قضى الصلاة فهذا فيه خطر عليه؛ فقد لا يشفى وفي ذمته صلوات كان يقدر على أدائها فلم يؤدها، ناهيك بأنه يحتاج في مرضه إلى طاعة الله، ودعائه حتى يشفيه من مرضه.

وأما قول المريض إنه لا يستطيع الطهارة لكي يصلي فهذا غير صحيح؛ لأن الله عز وجل يسر له أمر الطهارة في قوله تعالى: {إِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ}([3]). فإذا عدم المريض الماء، أو كان لا يستطيع التطهر به تيمم. وإن كان لا يستطيع التيمم، أو لم يجد التراب صلى ولو كان غير طاهر؛ لأن الله عز وجل يسر له أمر العبادة فقال في محكم كتابه: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}([4]). وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}([5]).

 

([1]) أخرجه البخاري في كتاب تقصير الصلاة، باب صلاة القاعد، فتح الباري، ج2 ص680، برقم (1114).

([2]) أخرجه البخاري في كتاب تقصير الصلاة، باب من لم يُطق قاعداً صلى على جنب، فتح الباري، ج2 ص684، برقم (1117).

([3]) سورة المائدة من الآية 6.

([4]) سورة البقرة من الآية 286.

([5]) سورة التغابن الآية 16.