والجواب: أن في هذا خلافًا بين الفقهاء:
ففي مذهب الإمام أبي حنيفة إن كان الإغماء في أوقات خمس صلوات وجب عليه أن يصليها، فإن زاد الإغماء عن ذلك سقط عنه القضاء؛ لأنه أصبح بمثابة المجنون([1]).
وفي مذهب الإمامين مالك والشافعي: لا يجب عليه قضاء الصلاة؛ لأن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أغمي عليه فذهب عقله فلم يقض الصلاة([2]).
وفي مذهب الإمام أحمد: يلزم المغمي عليه القضاء إذا أفاق، بدليل ما روي عن سمرة بن جندب قال: المغمى عليه يترك الصلاة، أو فيترك الصلاة، يصلي مع كل صلاة صلاة مثله([3]). وما روي كذلك أن عمار بن ياسر غشي عليه أيامًا لا يصلي، ثم أفاق بعد ثلاث فقال: هل صليت؟ فقيل له: ما صليت منذ ثلاث، فقال: أعطوني وضوءًا فتوضأ ثم صلى تلك الليلة([4]).
قلت: ولعله ينبغي النظر إلى حالة الإغماء ومدته، فإن كان الإغماء لفترة يسيرة كبضع ساعات أو يوم، فالأولى أن يقضي من أغمي عليه ما فاته من صلاة، أما إن كان الإغماء طويلًا كما هو الحال في ارتجاج المخ جراء حوادث السيارات أو غيرها، فلا يلزمه قضاء الصلاة إذا أفاق، أما الصيام فالأولى أن يقضيه إذا لم يكن له عذر آخر.
([1]) انظر: الفتاوى الهندية، ج1 ص134، والبناية شرح الهداية للعيني، ج2 ص642-643.
([2]) انظر: بداية المجتهد لابن رشد، ج1 ص182-183، والحاوي الكبير للماوردي، ج2 ص47-48.