سؤال من الأخ ب.س. من الجزائر، يقول: ما حكم ما يتقاضاه صاحب قاعة الأفراح من تأجير قاعته للحفلات التي يصاحبها بعض المنكرات؟

حكم تأجير القاعات للمناسبات التي فيها منكرات

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالأصل للمسلم أن يكون طعامه وشرابه من الطيبات، فقد أمر الله عباده بذلك في قوله – تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، وخص رسله بالأكل من الطيبات في قوله -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [المؤمنون: 51]، ويقابل الأكل من الطيبات النهي عن الأكل من الخبائث، في مختلف أنواعها ومسمياتها، في قوله: {ولَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [البقرة: 267]، وقوله: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]، وقد وصف الذين يأكلون الخبائث في قوله -عز وجل-: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: 42]، هذا في كتاب الله – تعالى- أما في سنة رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ( كُلُّ جِسْمٍ نَبَتَ مَنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ)([1])، ووصف -عليه الصلاة والسلام- حال الذين يطعمون من الحرام ويشربون منه بقوله: ( الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ؛ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ”([2])، وفي هذا نفي لقبول الدعاء مادام العبد على تلك الحال.

هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخ ففيه تفصيل، فإن كان صاحب القاعة يديرها بنفسه ويعلم بالمنكرات فلا خير له في الأجر الذي يتقاضاه، وإن كان يؤجر القاعة لشخص آخر ويعلم عن هذه المنكرات، مما يدل على رضاه عنه فهو والمستأجر شريكان في الإثم، أما إن كان لا يعلم عما يحدث في القاعة من منكرات، إما لسفره أو مرضه أو لعدم علمه فلا إثم عليه، ولكن عليه أن يعلم ما يحدث في قاعته؛ لأنه المسؤول عنها؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِه)([3]).

والله – تعالى- أعلم.

 

[1] رواه أحمد (14032)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم(2609).

[2] رواه مسلم برقم(1015).

[3] أخرجه البخاري (2554)، ومسلم (1829).