والجواب: أن الإسلام حث على النظافة، وعلى الأخص نظافة الإنسان في بدنه مما يؤذيه نفسه أو يؤذي غيره، والسواك أداة لتنظيف الأسنان والفم من بقايا الطعام التي يسبب تراكمها رائحة وأذى للجسم، وهو إلى جانب فضله سنة من سنن الفطرة، وقد حث عليه رسول الله ﷺ في عدة أحاديث، منها قوله: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء)، وفي لفظ آخر: (عند كل صلاة)([1]). وقوله ﷺ: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)([2]). وقوله عليه الصلاة والسلام فيما روته عائشة -رضي الله عنها-: (عشر من الفطرة: وذكر منها السواك)([3]). وقوله عليه الصلاة والسلام: (ما زال جبريل يوصيني بالسواك حتى خشيت أن يدّردني)([4](.
ويستحب السواك في سائر الأوقات، ويتأكد استحبابه بعد الاستيقاظ من النوم، وعند الوضوء، وعند الصلاة، وفي حال تغير الفم فيكون فيه رائحة. وفي هذا روى حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك([5])، أي يغسله. كما روت عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله ﷺ كان لا يرقد من ليل أو نهار فيستيقظ إلا تسوك قبل أن يتوضأ([6]).
وقال الإمام الشافعي: وأحب السواك للصلوات، وعند كل حال تغير فيها الفم للاستيقاظ من النوم والأزم، وكل ما يغير الفم([7]).
وعامة الفقهاء على أنه سنة وليس بواجب([8])، وخالف في ذلك داود ابن علي الظاهري فقال بوجوبه، لكن لا يقدح تركه في صحة الصلاة([9]). أما إسحاق بن راهويه فقال بوجوبه، وأن تركه عمدًا يبطل الصلاة([10]).
واستعمال السواك يكون باليد اليمنى وإن استعمله بيده الشمال فلا بأس، ولكن الأفضل استعماله باليد اليمنى لقول عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله ﷺ كان يعجبه التيمن في تنفله وفي ترجله وطهوره وفي شأنه كله([11]). ويغسل السواك بالماء لإزالة ما يعلق به وقد كان هذا دأب رسول الله ﷺ لقول عائشة -رضي الله عنها-: كان رسول الله يعطيني السواك لأغسله([12]).
قلت: وهذا من حرصه عليه الصلاة والسلام على النظافة؛ لأن السواك عندما يكون مكشوفًا يتعرض للأتربة والجراثيم فاقتضى ذلك غسله قبل التسوك به، وفي هذا تنبيه للذين يضعون سواكهم مكشوفًا ثم يتسوكون به قبل غسله مما يكون مدعاة للضرر.
وخلاصة المسألة: أن الإسلام قد حث على النظافة، وعلى الأخص نظافة الإنسان في بدنه، والسواك أداة لتنظيف الأسنان والفم، وقد حث عليه رسول الله ﷺ في عدة أحاديث. ويستحب التسوك في سائر الأوقات، ويتأكد استحبابه بعد الاستيقاظ من النوم، وعند الوضوء، وعند الصلاة، وفي حال تغير الفم. وعامة الفقهاء على أنه سنة وليس بواجب. وخالف في ذلك داود الظاهري فقال بوجوبه، لكن لا يقدح تركه في صحة الصلاة.
وللسواك فضل كبير لأنه من سنة رسول الله ﷺ وفعله([13]). ناهيك عما له من الفوائد الصحية للأسنان خاصة وللجسم عامة.
([1]) اللفظ الأول من الحديث أخرجه ابن خزيمة في صحيحه، باب الأمر بالسواك عند كل صلاة أمر ندب وفضيلة لا أمر وجوب وفريضة، صحيح ابن خزيمة، ج1 ص73، برقم (140)، واللفظ الثاني أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب السواك يوم الجمعة، فتح الباري، ج2 ص435، برقم (817).
([2]) أخرجه الإمام أحمد في المسند، ج1 ص3، صححه الألباني في صحيح الجامع، (٣٦٩٥).
([3]) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص67-68، برقم (261).
([4]) أخرجه البيهقي في كتاب النكاح، باب ما روي من قوله أمرت بالسواك حتى خفت أن يدردني، السنن الكبرى، ج7 ص49-50. ومعنى «يدردني»: أي يذهب بأسناني، والدرُ سقوط الأسنان، النهاية في غريب الحديث والأثر، ج2 ص112، وفي رواية حتى خشيت على أضراسي: السنن الكبرى للبيهقي، (٧/٤٩)، وقال: حسن.
([5]) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب السواك، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص58-59، برقم (255)، ومعنى الشوص: الغسل والتنظيف، انظر: فتح الباري، ج1 ص424.
([6]) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب السواك لمن قام من الليل، سنن أبي داود، ج1 ص15، برقم (57)، حسنه الألباني في صحيح أبي داود، (٥٧).
([7]) الحاوي الكبير للماوردي، ج1 ص92، و«الأزم»: قيل هو الجوع والاحتماء وقيل الإمساك.
([8]) انظر: الفتاوى الهندية، ج1 ص8، والاختيار لتعليل المختار للموصلي، ج1 ص8، وأسهل
المدارك للكشناوي، ج1 ص90، والمعونة على مذهب عالم المدينة للقاضي عبدالوهاب
البغدادي، ج1 ص118، والحاوي الكبير، ج1 ص92، والمغني، ج1 ص133.
([11]) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب التيمن في الطهور وغيره، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج1 ص76-77، برقم (268).
(([12] أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب غسل السواك، سنن أبي داود، ج1 ص14، برقم (52)، قال النووي في المجموع، (١/٢٨٣): حسن إسناده جيد.
نقلاً من كتاب أسهل المدارك شرح إرشاد السالك، لأبي بكر الكشناوي، ج1 ص91.
([13]) ذكر الإمام الحافظ ابن حجر أن للسواك ثلاثين فضيلة نظمها في الأبيات التالية:
إن الســواك مرضي الرحمن وهكـذا مبيِّضُ الأسنــان
ومظهر الشعرْ مذكي الفطنَة يزيـد في فصاحة وحسنه
مشــدّد اللثـة أيضاً مُذهِبُ لبَخرٍ وللعـدوِّ مُرهـــبُ
كذا مُصفِّي خلقةً ويقطــعُ رطوبــةً وللغذاء ينفـعُ
ومبطئ للشيب والإهـــرام ومهضمُ الأكل من الطعام
وقـد غـدا مـُذَكِّرَ الشهـادة مسهِّل النزع لدى الشهادة
ومرغُم الشيطــان والعـدوّ والعقل والجسم كذا يقوِّي
ومـــورثٌ لِسَعَةٍ مع الغنى ومُذهــبٌ لألَمٍ حتى العنا
وللصُّـــداع وعروق الرأس مسكِّـن ووجـعِ الأضراس
يزيد في مال ويُنمي الولـدا مطهرٌ للقلـب جالٍ للصدا
مُبيّضُ الوجه وجالٍ للبصَر ومُذهبٌ لبلغَمٍ مـع الحفَر
ميسِّرٌ مُوَسِّــعٌ للــــرزق مفـرِّحٌ للكاتبين الحـــق