الجواب: تباينت الآراء في وضع اليدين أهو فوق السرة أم تحتها، ففي المذهب الحنفي: يضعهما تحت السرة([1]).
وفي المذهب الشافعي: تحت الصدر([2]).
وفي مذهب الإمام أحمد: روي عن الإمام أنه يضعهما تحت سرته؛ لأنه من فعل عدد من الصحابة ولما روي عن علي -رضي الله عنه- أنه قال: إن من السنة وضع اليمين على الشمال تحت السرة وهذا ينصرف إلى سنة النبي ﷺ. وروي عن أحمد أنه يضعهما فوق السرة([3]). وقال الترمذي: إن أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ والتابعين ومن بعدهم يرون أن يضع الرجل يمينه على شماله في الصلاة. ورأى بعضهم أن يضعها فوق السرة، وبعضهم رأى وضعها تحت السرة، وكل ذلك واقع عندهم([4]). وعند الكمال بن الهمام أنه لم يثبت حديث صحيح يوجب العمل في كون الوضع تحت الصدر([5]).
وقد روي أن رسول الله ﷺ كان يضع يديه على الصدر، لما ذكره قبيصة بن هلب الطائي، قال: رأيت النبي ﷺ يضع اليمنى على اليسرى على صدره فوق المفصل([6]). وما رواه أيضًا وائل بن حجر قال: صليت مع رسول الله ﷺ فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره([7]). وروي بلفظ: ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد([8]).
وقال الشيخ الألباني: وضع اليدين على الصدر هو الذي ثبت في السنة، وخلافه إما ضعيف أو لا أصل له، واستشهد بفعل الإمام إسحاق ابن راهويه، حيث ذكر المروزي في مسائله أن إسحاق
كان يوتر بهم ويرفع يديه في القنوت، ويقنت قبل الركوع ويضع يديه على ثدييه أو تحت الثديين، ومثله قول القاضي عياض المالكي في مستحبات الصلاة من كتابه الإعلام: ووضع اليمنى على ظاهر اليسرى عند النحر، وقريب منه ما روى عبد الله بن أحمد في مسائله: رأيت أبي إذا صلى وضع يديه إحداهما على الأخرى فوق السرة([9]).
قلت: ولعل الأصوب وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر، لحديث وائل بن حجر المشار إليه، وقيل إن المصلي مخير في ذلك؛ لأن الجميع مروي عن رسول الله ﷺ والأمر في ذلك واسع كما قال الإمام ابن قدامة([10]).
أما وضع المصلي يديه تحت لحيته (فلا أعلم) أن له دليلًا بل قد يكون من المبالغة المحدثة. أما السدل فلم يرد في كتب السنة على ما أعلم ما يدل عليه، فهو ليس من السنة إنما السنة هو ما ذكر أعلاه.
([1]) انظر: البناية شرح الهداية للعيني، ج2 ص181.
([2]) انظر: الحاوي الكبير للماوردي، ج2 ص128.
([3]) المغني لابن قدامة، ج2 ص140-141
([4]) سنن الترمذي، ج2 ص32-33، وانظر أيضاً: المغني مع الشرح الكبير، ج1 ص514-515.
([5]) شرح فتح القدير، ج1 ص287-289.
([6]) أخرجه الإمام أحمد في المسند، ج4 ص318، والترمذي في أبواب الصلاة، باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة، سنن الترمذي، ج2 ص32، برقم (252)، قال الألباني في أحكام الجنائز، (١٥٠): رجاله ثقات رجال مسلم.
([7]) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه في كتاب الصلاة، باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة قبل افتتاح القراءة، صحيح ابن خزيمة، ج1 ص243، برقم (479)، ضعفه شعيب الأرنؤوط في تخريج سنن الدارقطني، (٢/٣٣).
([8]) أخرجه ابن خزيمة في كتاب الصلاة، باب وضع بطن الكف اليمنى على كف اليسرى والرسغ والساعد جميعاً، صحيح ابن خزيمة، ج1 ص243، برقم (480)، قال الألباني في صفة الصلاة، (١٦): إسناده صحيح.
([9]) صفة صلاة النبي ﷺ من التكبير إلى التسليم كأنك تراها للشيخ الألباني ص88.