والجواب: أن في المسألة روايتين: إحداهما: أنه لا بأس من الصلاة على الجنازة في المقبرة؛ لأن رسول الله ﷺ صلى على قبر وهو في المقبرة([1]). وقد صلى أبو هريرة على عائشة في البقيع ومعه بعض الصحابة([2]). وقيل إن الإمام أحمد يجيز ذلك([3]).
أما الرواية الثانية: فتكره الصلاة على الجنازة في المقبرة؛ لأن رسول الله ﷺ نهى أن يصلى على الجنائز بين القبور([4]). وقال: (الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام)([5]). وقد رويت الكراهة عن علي وابن عباس وعبدالله بن عمرو بن العاص، وقال به عطاء والنخعي والإمام أحمد في الرواية الثانية عنه، كما قال به الإمام الشافعي وإسحاق وابن المنذر([6]). فالأصوب -والله أعلم- كراهة الصلاة على الجنائز في المقابر، أما إذا فاتت أحد الصلاة عليها فيجوز له ذلك.
([1]) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر بعد ما يدفن، فتح الباري، ج3 ص243، برقم (6331).
([2]) أخرجه عبد الرزاق في المصنف، ج3 ص525، باب هل يصلى على الجنازة وسط القبور، من كتاب الجنائز.
([3]) المغني لابن قدامة، ج3 ص423.
([4]) أخرجه ابن الأعرابي في معجمه، ج1 ص235، والطبراني في المعجم الأوسط، ج1 ص80، قال الألباني في أحكام الجنائز وبدعها ص138: (قلت: وله طريق آخر عن أنس عند الضياء يتقوَّى الحديث بها.. ويشهد للحديث ما تواتر عن النبي ﷺ من النهي عن اتخاذ القبور مساجد).
([5]) أخرجه الترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء أنّ الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمَّام، سنن الترمذي، ج2 ص131، برقم (317)، صححه الألباني في صحيح الترمذي، (٣١٧).