الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
تجب الزكاة لمن يستحقها ممن سماهم الله في كتابه في قوله -جل ثناؤه-: { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، [التوبة:60]، فيعطى لمحتاج منها ما يسد حاجته، فإن أخبره المزكي بأنها من الزكاة فلا بأس من ذلك، وإن أعطاها إياه سرًّا، فذلك خير؛ لقول الله -عز وجل-: {إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}، [البقرة: 271].
وفي كلتا الحالتين يحرم المن والأذى بها؛ لقول الله عز ذكره: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا}، الآية [البقرة:264]، وقد جعل الله المنفق للصدقة مع المن والأذى بها، مثل المرائي الذي يتباهى ليكون محل ثناء الناس عليه. كما جعله مثل الكافر الذي لا يؤمن بالله واليوم الآخر؛ لأن مراده من الإنفاق وصفه بالجود، كما ضرب -عز وجل- المنفق للصدقة مع المن والأذى بها مثلًا: الصخر الصلد، الذي كأنه تراب، فيظن الرائي أنه أرض تنبت النبات، فجاءه الوابل أي المطر الكثير، فتركه صلدًا لا ينبت فيه شيء، فأعمال المرائي تذهب كما يذهب المطر التراب على الحجر الأملس.
والله -تعالى- أعلم.