الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالأصل أن المسلم لا يبحث عن أحوال غيره أو يتجسس عليه أو يسيء الظن به، فقد نهى الله عن ذلك في قوله -تقدس اسمه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ)(الحجرات:12)، والأصل فيه أيضًا قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” لا تحاسَدُوا ، ولا تناجَشُوا ، ولا تباغَضُوا ولا تدابَرُوا ، ولا يبِعْ بعضُكمْ على بيعِ بعضٍ ، وكُونُوا عبادَ اللهِ إخوانًا ، المسلِمُ أخُو المسلِمِ ، لا يَظلِمُهُ ولا يَخذُلُهُ ، ولا يَحقِرُهُ ، التَّقْوى ههُنا – وأشارَ إلى صدْرِهِ – بِحسْبِ امْرِئٍ من الشَّرِّ أنْ يَحقِرَ أخاهُ المسلِمَ ، كلُّ المسلِمِ على المسلِمِ حرامٌ ، دمُهُ ، ومالُهُ ، وعِرضُهُ”([1]) والأصل فيه أيضًا قوله -عليه الصلاة والسلام-: ( إنِّي لَمْ أُومَرْ أنْ أنْقُبَ عن قُلُوبِ النَّاسِ ولَا أشُقَّ بُطُونَهُمْ)([2]).
هذا في عموم المسألة، أما عن قول الأخ بأنه لا يعرف ما إذا كانت هدية المهدي من حرام أم من حلال، فإن كان يعلم أن هذه الهدية من مال حرام ظاهر في حرمته، فالأصل عدم قبول الهدية؛ لأن الأكل حينئذ لا يكون من الطيبات؛ لقول الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)(البقرة:172)،أما إن كان لا يعلم عن حقيقة هذه الهدية فيقبلها ولا حرج عليه في ذلك- إن شاء الله- وحساب المهدي على الله، فهو- سبحانه- أعلم بالسرائر وما تخفي الصدور.
والله – تعالى- أعلم
[1] أخرجه البخاري (6064) مختصراً، ومسلم (2564) باختلاف يسير.
[2] أخرجه البخاري (4351)، ومسلم (1064).