سؤال من الأخ بشيري… من الجزائر يقول فيه: إذا كان على شخص فائتة كالظهر مثلًا فذكرها وقد أقيمت صلاة العصر، فهل يدخل مع الجماعة بنية العصر أم بنية الظهر، أو يصلي الظهر وحده أولًا ثم يصلي العصر ثانيًا؟ وما معنى قول الفقهاء (فإن خشي فوات الحاضرة سقط الترتيب) وهل فوات الجماعة يسقط الترتيب؟.

فوائت الصلاة ومتى يسقط ترتيبها

ترتيب قضاء فوائت الصلاة واجب على الأصح، والأصل فيه ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله ﷺ قال: (من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فليصل مع الإمام فإذا فرغ من صلاته فليعد الصلاة التي نسي ثم يعد الصلاة التي صلاها مع الإمام)([1]). وقد فعل ذلك رسول الله ﷺ في غزوة الأحزاب صلى العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب([2]). وفي عام الخندق فاتته -عليه الصلاة والسلام- أربع صلوات فقضاهن مرتبات.([3])

وعند الإمامين مالك وأبي حنيفة لا يجب الترتيب في أكثر من صلاة يوم وليلة، أما ما زاد عن ذلك فهو مما يشق، ويؤدي إلى الدخول في التكرار، فيسقط ترتيب الفوائت كما هو الحال في قضاء صيام رمضان([4]).

وفي مذهب الإمام الشافعي يستحب أن يقضيها على الترتيب، فإن قضاها من غير ترتيب جاز؛ لأنه ترتيب استحق للوقت فسقط بفوات الوقت كقضاء الصوم([5]).

وفي مذهب الإمام أحمد يجب الترتيب في قضاء الفوائت، وإن كثرت([6]). ولعل هذا هو الأصوب في حالة ما إذا كان هناك خشية من فوات الصلاة الحاضرة، فمن فاتته صلاة الظهر مثلًا ودخل وقت صلاة العصر ولكن لم يذهب وقتها بعد وجب قضاء صلاة الظهر الفائتة، وإن أقيمت صلاة العصر فيدخل مع الجماعة بنية صلاة العصر وليس بنية صلاة الظهر، فإذا انتهى من صلاة العصر قضى صلاة الظهر الفائتة، وهنا سقط الترتيب خشية فوات صلاة العصر الحاضرة.

والأصل في هذا أن صلاة العصر وجبت فوجب القيام بها في وقتها، أما الظهر فأصحبت فائتة فوجب تقديم ما يخشى على فوات وقته على ما فات وقته أصلًا، وهذا هو مفاد قول الفقهاء) فإن خشي فوات الحاضرة سقط الترتيب)([7]).

([1]) أخرجه الدارقطني في سننه، ج1 ص421، وصوب وقفه على ابن عمر.

([2]) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت، فتح الباري، ج2 ص82، برقم (596).

([3]) أخرجه الترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ، سنن الترمذي، ج1 ص337، برقم (179)، قال النووي في المجموع للنووي، (٣/٦٩): منقطع لا يحتج به.

([4]) انظر: البناية شرح الهداية للعيني، ج2 ص592-593، وجامع الأحكام الفقهية للقرطبي، ج1 ص107.

([5]) انظر: المجموع شرح المهذب للنووي، ج3 ص68.

([6]) انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي، ج1 ص442-444.

([7]) الإنصاف، ج1 ص444.