الأصل أن يكون الأذان في أول الوقت حتى يعلم الناس حلول وقت الصلاة، والأصل في ذلك قول رسول الله ﷺ لمالك بن الحويرث وجماعته: (إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم)([1]). والأصل أيضًا أن يكون في أول الوقت، لما رواه جابر بن سمرة أن مؤذن رسول الله ﷺ بلالًا، كان لا يؤخر الأذان عن الوقت([2]).
فإن خرج الوقت ففي الأمر تفصيل؛ فإن كان الإنسان في بلد يقوم أهله بالأذان، فلا حاجة للأذان بعد زوال الوقت؛ لأن الأذان فرض كفاية. وإن كان الإنسان في مكان لا يؤذن فيه، كما لو كان في سفر، فالأولى أن يؤذن للصلاة حتى لو تأخر فيه؛ لأن رسول الله ﷺ لما نام عن صلاة الفجر حين قفل من غزوة خيبر، ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس أمر بلالًا أن يؤذن([3]).
والأذان مشروع للمنفرد إذا كان في مكان لا يؤذن فيه، لما في ذلك من الفضل، بدليل ما رواه أبو هريرة أن رسول الله ﷺ قال: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه)([4]). وما رواه معاوية -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ قال: (المؤذنون أطول أعناقًا يوم القيامة)([5]). وما روي أن أبا سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: (إذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع صوت المؤذن جن ولا إنس إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد سمعته من رسول الله ﷺ)([6]).
ومارواه أيضًا عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (يعجب ربك عز وجل من راعي غنم في شظية الجبل يؤذن بالصلاة ويصلي فيقول الله عز وجل: انظرو إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة ويخاف مني قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة)([7]).
([1]) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص612، برقم (674).
([2]) أخرجه ابن ماجة في كتاب الأذان والسنة فيها، باب السنة في الأذان، سنن ابن ماجة، ج1 ص236، برقم (713)، حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه، (٥٩٠).
([3]) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص618-622، برقم (680)، وأخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب الأذان بعد ذهاب الوقت، فتح الباري، ج2 ص79-80 برقم (595).
([4]) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الاستهام في الأذان، فتح الباري، ج2 ص114، برقم (615).
([5]) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج2 ص246، برقم (387).
([6]) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء، فتح الباري، ج2 ص104، برقم (69).
([7]) أخرجه النسائي في كتاب الأذان والإقامة، باب الأذان لمن يصلي وحده، سنن النسائي، ج2 ص20، ومعنى (شظية الجبل): قطعة مرتفعة في رأس الجبل، شرح السيوطي لسنن النسائي، ج2 ص20-21. المطبوع مع سنن النسائي، صححه الألباني في صحيح النسائي (665).