سؤال من الأخ: بشير، من الجزائر، يقول: هل يجوز للمشتري عندما يشتري الماء المرقي، أن يشترط على البائع الشفاء من المرض؟

اشتراط الشفاء عند شراء الماء المرقي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فظاهر سؤال الأخ عما إذا كان يجوز الاشتراط على الراقي الشفاء من المرض.

والجواب: أن الله -عز وجل- هو الواحد الأحد الذي يملك النفع والضر، ويشفي المرض، وهو الذي يحيي ويميت، ويحكم ما يشاء، ويفعل ما يريد؛ فليس لأحد من خلقه -نبيًّا أو رسولًا أو غير ذلك- أن يفعل شيئًا إلا بمشيئته، فهو القادر على كل شيء، هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم.

والشفاء يطلب منه وحده، فقد أمر عباده بدعائه في طلب حوائجهم وشفاء مرضاهم، فقال -عز وجل-: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا ‌دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186]، وقال -عز ذكره-: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ ‌تَضَرُّعًا ‌وَخِيفَةً﴾ [الأعراف: 205]، وقال -تقدس اسمه-: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي ‌أَسْتَجِبْ ‌لَكُمْ﴾ [غافر: 60].

هذه هي عقيدة التوحيد، وقد دعا إليها إبراهيم -عليه السلام- قومه وهو يجادلهم عن فساد أصنامهم بقوله: ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (٧٧) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ ‌يَشْفِينِ﴾ [الشعراء: 77-80].

هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخ، فلا يجوز اشتراط الشفاء من أحد، فمثل هذا الشرط باطل؛ لأن الشفاء بيد الله -عز وجل- وهذا الاعتقاد هو ما يجب أن يكون عليه المسلم؛ ليعلم أن النفع والضر والشفاء من المرض كل هذا بيد الله، فلا مشيئة إلا مشيئته كما قال -عز وجل-: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ‌ذَلِكَ ‌غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الكهف: 23-24]، وقوله تعالى: ﴿‌وَمَا ‌تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [التكوير: 29].

فعلى العبد أن يطلب الشفاء منه، بدعائه والتوسل إليه، وإخلاص العبادة له.

وعلى هذا فلا يجوز اشتراط الشفاء على الراقي أو غيره، وكل شرط في هذا يعد باطلًا.

والله -تعالى- أعلم.