الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
ففي مسألة حمل العصاء أثناء خطبة الجمعة ثلاثة أقوال للفقهاء :
الأول قول الحنابلة([1]) : أن هذا الحمل من السنة استدلالا بما رواه الحكم بن حزن أن النبي صلى الله عليه وسلم قام يوم الجمعة (متوكئا على عصا أو قوس فحمد الله وأثنى عليه…) إلى آخر الحديث)([2]).
القول الثاني : قول المالكية ([3]) والشافعية ([4]) أن حمل العصا وما في حكمها من المستحب استدلالا بالحديث المشار إليه .
القول الثالث : قول الحنفية بأن هذا مكره ([5])
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله : (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأخذ بيده سيفاً ولا غيرَه ، وإنما كان يعتَمِد على قوس أو عصاً قبل أن يتَّخذ المنبر ، وكان في الحرب يَعتمد على قوس ، وفي الجمعة يعتمِد على عصا ، ولم يُحفظ عنه أنه اعتمد على سيف ، وما يظنه بعض الجهال أنه كان يعتمد على السيف دائماً ، وأن ذلك إشارة إلى أن الدين قام بالسيف : فَمِن فَرطِ جهله ، فإنه لا يُحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف ، ولا قوس ، ولا غيره ، ولا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفاً البتة ، وإنما كان يعتمِد على عصا أو قوس “.)([6]) انتهى بنصه .
وعلى هذا يجوز للإمام حمل العصا وما في حكمها أثناء الخطبة فإن لم يحملها فلا جناح عليه فالأمر في عمومه مبني على الاستحباب .
هذا في عموم المسألة : أما عن سؤال الأخ فالأمر في حمل العصاء أثناء الخطبة مبني على الاستحباب .
والله تعالى أعلم
[1] – ” كشاف القناع ” (2/36)، وانظر: ” الإنصاف ” (2/397).
[2] – أخرجه أبو داود (1096) ، قال النووي في ” المجموع ” (4/526) : حديث حسن . وحسنه الألباني في ” صحيح أبي داود “. وضعفه بعض أهل العلم ، فقال ابن كثير في ” إرشاد الفقيه ” (1/196) : ليس إسناده بالقوي .
[3] – المدونة الكبرى ” (1/151)، و ” جواهر الإكليل ” (1/97)، و حاشية الدسوقي ” (1/382).
[4] – الأم ” (1/272)، ونهاية المحتاج ” (2/326)، ” وحاشية قليوبي وعميرة ” (1/272) .
[5] – الفتاوى التتارخانية ” (2/61) و” الفتاوى الهندية ” (1/148).
[6] -” زاد المعاد ” (1/429)