سؤال من الأخ الحاج ح… يقول فيه: هل تجوز تحية المسجد بعيدًا عن الناس خوف الرياء؟.

حكم الحرص على صلاة تحية المسجد بعيدًا عن الناس خوف الرياء

تحية المسجد تصلى فيه، أو فيما هو جزء منه كفنائه أو ردهته، ولا يجوز أن يبتعد المصلي عن الناس خوف الرياء؛ لأن الرياء اعتقاد في القلب، وعلى المسلم أن يكون في صلاته أو قراءته وسطًا لقول الله تعالى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا}([1]).

وقد ذكر الطبري في تفسيره أن أحد أسباب نزول هذه الآية أن أبا بكر -رضي الله عنه- كان يسر قراءته، وكان عمر يجهر بها فقيل لهما في ذلك، فقال أبو بكر: إنما أناجي ربي وهو يعلم حاجتي إليه. وقال عمر: أنا أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان. فلما نزلت هذه الآية قيل لأبي بكر: ارفع قليلًا وقيل لعمر: اخفض أنت قليلًا([2]).

وعلى المسلم أن يؤمن أنه يؤدي قراءته وعمله مخلصًا به لله عزوجل، وعليه أن يبتعد عن وساوس الشيطان الذي يريد أن

 

يصده عن ذكر الله بما يدخله عليه من الظنون والأوهام. ومن المعلوم والمحسوس أن الإنسان إذا استسلم لهذه الوساوس نال منه الشيطان ما يريد؛ فازداد غمه وهمه تبعًا لازدياد وساوسه. وقد أرشدنا الله إلى دفع هذه الوساوس في قوله عز وجل: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم}([3]).

 

([1]) سورة الإسراء من الآية 110.

([2]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري، ج9 ص186.

([3]) سورة فصلت الآية 36.